قائمة الموقع

تقرير "منظمة العفو الدولية" تستنتج أن "إسرائيل" ترتكب إبادة جماعية في غزة!

2024-12-05T14:10:00+02:00
وكالة القدس للأنباء – ترجمة

في تقرير جديد مكون من 300 صفحة، انضمت منظمة حقوق الإنسان إلى مجموعة متزايدة من الباحثين والناشطين القانونيين الذين يصفون هجوم "إسرائيل" على الفلسطينيين بأنه إبادة جماعية.

في صباح الرابع عشر من ديسمبر/كانون الأول 2023، قتلت غارة جوية "إسرائيلية" ثلاثة أجيال من عائلة أحمد نسمان في غزة. ففي ضربة واحدة، اختفت زوجته وأطفاله الثلاثة ووالديه وأخته. ولم تمضِ أيام قبل أن يجد نسمان جثة ابنته آيلا البالغة من العمر ثلاثة أشهر تحت الأنقاض. أما ابنته الكبرى أروى، التي لم تتجاوز الخامسة من عمرها، فقد قُطِعَ رأسها في الانفجار.

قال نسمان: "نجا جسدي لكن روحي ماتت مع أطفالي. لقد سُحِقَت تحت الأنقاض معهم".

أسفرت الغارة الجوية، التي أصابت مبنى من ثلاثة طوابق في رفح، عن مقتل ما يقدر بنحو 31 فلسطينياً ــ معظمهم فروا جنوباً من مدينة غزة بحثاً عن الأمان والمأوى. وفي الأشهر التي تلت ذلك، جاء الآلاف من الآباء الفلسطينيين لمشاركة نسمان حزنه، حيث تجاوز عدد القتلى 44 ألفاً.

كانت الضربة التي وقعت في ديسمبر/كانون الأول واحدة من 15 حادثة حقق فيها باحثون في منظمة العفو الدولية بشكل شامل على مدار العام الماضي، كجزء من دراسة مترامية الأطراف حول جهود الحرب الإسرائيلية منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023. وفي ما يقرب من 300 صفحة، يقدم التقرير نتيجة قاطعة: "إسرائيل" ترتكب إبادة جماعية في غزة.

قالت نادية دار، مسؤولة الاستراتيجية والتأثير في منظمة العفو الدولية في الولايات المتحدة: "إن الاستنتاج لا يمكن أن يكون أكثر وضوحاً، وهو أن إبادة جماعية تجري في غزة، وأن الإبادة الجماعية مستمرة في غزة، ويجب على جميع الدول أن تفعل كل ما في وسعها لمنع ومعاقبة الإبادة الجماعية التي تحدث في غزة".

وأضافت دار: "إنها ليست حادثة واحدة، وليست مجرد عائلة واحدة أو مستشفى واحد. إنها نمط متكرر في جميع أنحاء غزة على مدى الأشهر الأربعة عشر الماضية. إنه أمر مرعب حين تجمع الصورة الكاملة كما يفعل هذا التقرير، وهي وصمة عار على جبين الإنسانية".

يأتي إصدار التقرير يوم الأربعاء في وقت يتزايد فيه التدقيق العالمي في هجوم "إسرائيل" على غزة. قبل أسبوعين، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية عن أوامر اعتقال لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف جالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة. ووصف الرئيس جو بايدن أوامر الاعتقال بأنها "شائنة" فيما هدد السناتور ليندسي جراهام، وهو جمهوري عن ساوث كارولينا، بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية.

حتى قبل الإصدار الرسمي للتقرير، هاجم مؤيدو "إسرائيل" اليمينيون منظمة العفو الدولية، واتهموها بـ "تاريخ من معاداة السامية" وهاجموا استنتاج بالإبادة الجماعية. واجهت المنظمات الحقوقية المشهورة دوليًا مجموعة مماثلة من الهجمات في العام 2022، حين انضمت إلى جماعات حقوق الإنسان الأخرى، بما في ذلك هيومن رايتس ووتش، في وصف "إسرائيل" بأنها دولة "فصل عنصري". أدان المسؤولون "الإسرائيليون" بسرعة التقرير ووصفوه بأنه "كاذب ومتحيز ومعادٍ للسامية". إن منظمة العفو الدولية "ليست أكثر من منظمة متطرفة أخرى تردد صدى الدعاية، دون التحقق من الحقائق بشكل جدي"، كما قال يائير لابيد، وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك.

ومثل تقرير منظمة العفو الدولية عن الفصل العنصري، فإن استنتاج الإبادة الجماعية يأتي بعد فترة طويلة من توصل العلماء والناشطين وضحايا "إسرائيل" الفلسطينيين إلى الاستنتاج ذاته. ففي يناير/كانون الثاني، وجدت محكمة العدل الدولية أن هناك "أسباباً معقولة" للاستنتاج بأن "إسرائيل" ترتكب إبادة جماعية. ومع ذلك، يأمل المدافعون أن يساعد هذا التقرير الصادر عن منظمة تحظى بالاحترام على نطاق واسع مثل منظمة العفو الدولية في تحريك الأمور إلى الأمام في المحادثات حول غزة. لن يجبر هذا الناس في الولايات المتحدة على التعامل بشكل مباشر مع حقيقة أن الولايات المتحدة متواطئة في إبادة جماعية فحسب، بل إنه يمنح الناس أيضًا السلطة للتحدث بصراحة وصدق عما يحدث في غزة.

قال سامر عرابي، عضو مركز الموارد والتنظيم العربي، وهي منظمة للدفاع عن حقوق الإنسان في منطقة الخليج: "من الواضح لأي شخص تعرفه، حتى ولو كان يولي اهتمامًا عابرًا، أن ما يحدث هنا هو إبادة جماعية"، وأضاف: "لكن كما تعلمون، الطريقة التي تعمل بها أنظمتنا، تجعلنا بحاجة إلى تأكيد مستقل من قبل خبراء".

وتابع: "أنا واثق تمامًا من أن هذا سيعطي الآخرين... المنظور الذي يحتاجون إليه، أو النوع من الدعم الرسمي الذي قد يحتاجون إليه ليكونوا قادرين على تسمية هذا بما هو عليه".

الهجمات المتعمدة

يتضمن التقرير 15 تحقيقًا منفصلًا ومتعمقًا تستند إلى مقابلات مع أكثر من 200 شخص، بما في ذلك ناجين فلسطينيين والسلطات المحلية في غزة والعاملين في مجال الرعاية الصحية. كما أجرى باحثو منظمة العفو الدولية عملاً ميدانيًا في غزة وقاموا بتحليل مجموعة واسعة من الأدلة المرئية والرقمية، بما في ذلك صور الأقمار الصناعية، وقاموا بتحليل التصريحات التي أدلى بها كبار المسؤولين "الإسرائيليين".

قالت دار إنهم لم يصلوا إلى استنتاج الإبادة الجماعية بتسرع. وقالت: "إن إعداد تقرير للتحقيق في حالة الإبادة الجماعية أمر معقد، لكنه ليس مستحيلاً".

وأضافت: "نأمل أن يفهم الناس أن هذه ليست مجرد كلمة، وليست مجرد مصطلح، بل إنها تستند إلى أدلة قانونية".

يشير التقرير إلى أن "إسرائيل" نفذت هجمات جوية وبرية "لا هوادة فيها" دمرت أحياء بأكملها وبنية أساسية حيوية، بما في ذلك المستشفيات، ما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين، وفي كثير من الحالات محو أسر بأكملها من أجيال متعددة. وبالإضافة إلى التأثيرات المدمرة للحملة العسكرية الإسرائيلية، وجد التقرير أيضًا أن إسرائيل عرقلت أو رفضت عمدًا إدخال المساعدات الإنسانية وغيرها من الإمدادات المنقذة للحياة للسكان النازحين والجوعى.

تحدث محمد سلامة، مدير وحدة العناية المركزة للأطفال حديثي الولادة في مستشفى الهلال الأحمر الإماراتي في رفح، إلى باحثي منظمة العفو الدولية حول الوضع الصحي الحرج في القطاع المحاصر، وقال: "مع خروج المستشفيات الأخرى في الجنوب عن الخدمة، أصبحنا المستشفى الوحيد المجهز بحاضنات، وتشرد معظم سكان قطاع غزة هنا [في رفح]". "في بعض الأحيان، كان علينا وضع خمسة أطفال حديثي الولادة وأطفال صغار في حاضنة واحدة، وبعد انتشار الإنتان الوليدي كالنار في الهشيم، كان علينا أن نطلب من الأمهات أن يحملن أطفالهن على الأرض".

ولم يكتف الباحثون بدراسة تصرفات المسؤولين "الإسرائيليين"، بل نظروا أيضاً إلى نواياهم. وقالت دار إنه بالإضافة إلى تحليل التصريحات المباشرة الصادرة عن المسؤولين "الإسرائيليين"، ركزت المجموعة أيضاً على أنماط السلوك التي ينتهجها الجيش "الإسرائيلي" في غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

وقالت: "لقد شهدنا أنماطاً متكررة من الهجمات العشوائية ضد المدنيين. وشهدنا أنماطاً متكررة من التهجير في ظروف غير آمنة. وشهدنا هجمات متكررة على البنية الأساسية المدنية والبنية الأساسية اللازمة للبقاء على قيد الحياة، بما في ذلك المستشفيات على سبيل المثال. وشهدنا تكرار ـ مراراً وتكراراً ـ منع المساعدات ومنعها من الدخول إلى غزة من قِبَل المسؤولين "الإسرائيليين". لذا فإن هذه الأنماط مهمة حقاً هنا".

إن الدمار الواسع النطاق في غزة كان عاملاً آخر ساعد في تحديد النية. تقول دار: "لم نشهد أي صراع آخر في القرن الحادي والعشرين بهذا الحجم والمستوى والسرعة".

يأمل عرابي، الناشط في منطقة الخليج، أن يجبر التقرير الناس في الولايات المتحدة على التعامل مع دور هذا البلد، نظرًا لأن حكومة الولايات المتحدة قدمت دعمًا عسكريًا وسياسيًا ودبلوماسيًا غير مشروط تقريبًا لإسرائيل.

كما يقول عرابي: "أعتقد أن الناس يجدون صعوبة في التوفيق بين فكرة تواطؤنا في جريمة خطيرة مثل الإبادة الجماعية. وهناك رغبة حقيقية في عدم مواجهة ذلك. لكنني أعتقد أن أحد الأشياء الجيدة في هذا التقرير هو أنه سيجبرنا على القيام بذلك والاعتراف بحقيقة أننا، في الواقع، بصفتنا دافعي ضرائب في هذا البلد، متواطئون في إبادة جماعية"، وأضاف: "لذا أعتقد أنه من المهم حقًا أن نواجه عواقب ذلك، وأن نتحمل حقًا عدم الارتياح الناتج عن ذلك".

أما عن الهجمات التي يشنها المسؤولون "الإسرائيليون" وحلفاؤهم على منظمة العفو الدولية وغيرها من منظمات حقوق الإنسان، فقد قال عرابي إن هذا يثبت أن رسائل المدافعين عن حقوق الإنسان تصل إلى الجمهور. وأضاف: "أعتقد أن إسرائيل والمدافعين عنها في حالة من الذعر التام. ومن الصعب تفسير ذلك على أنه أي شيء آخر غير ذلك. أعتقد أن القمع والهجمات التي تواجهها الحركات المناهضة للحرب في الوقت الحالي هي إشارة واضحة إلى أن ممولي هذه الإبادة الجماعية يرون تهديدًا وجوديًا حقيقيًا لمشروعهم".

---------------------  

العنوان الأصلي:  Amnesty International Concludes That Israel Is Committing Genocide in Gaza

الكاتب:  Jessica Washington

المصدر: The Intercept

التاريخ: 5 كانون الأول / ديسمبر 2024

 

 

اخبار ذات صلة