هبة دهيني*
صواريخ أشعلت سماء الكيان ورؤوس جنوده ومستوطنيه، واستبَقَتِ النّصرَ بإرساء معادلةِ حزب الله "بيروت مقابل تل أبيب"، فكسَرَت صلَف "نتنياهو" يومَ أعلن واهيًا تدميرَهُ لقدراتِ المقاومة العسكريّة، وألقَتِ الضّوء مجدّدًا على قواعدَ مهمّة في زمنِ انتظار وقف إطلاق النّار، أوّلها، أنّ السّلاح يفاوض في أرض المعركة، وأنّ المحتلَّ أمّيٌّ سوى في لغة النّار والبارود.
الملايين توجهوا إلى الملاجئ بعد تفعيل صافرات الإنذار وسط الكيان، وصافراتٌ أخرى فُعِّلَت في عقل مجرم الحرب، المطلوبِ لدى "المحكمة الجنائية الدولية" بمذكّرةِ اعتقال، المنبوذ داخليًّا بتُهَم الفساد، والذّليل خارجيًّا بصفته راعي الإبادة الجماعيّة في قطاع غزّة، نتنياهو، الّذي أعلَن متوهّمًا استهداف القدرات العسكريّة لحزب الله، وصرَّح بثقةِ الباحث عن نصرٍ موهوم، أنّه استطاع تدمير معظمها، هذه القدرات نفسها هي من دكّت تل أبيب في العملية الأخيرة، وهي بذاتها من تُرسي يوميًّا قواعدَ عسكريّة يجهلها أعداء المقاومة في الدّاخل والخارج.
إنّهُ بيانٌ جليٌّ أُطلِقَ من فوّهة البنادق، أساسُه استمراريّةُ حضور حزب الله في الميدان، وجهوزيّة قدراته العسكريّة باستهدافاته الصاروخية المتكررة، وهو ردٌّ غير مباشر على المزاعم العِبريّة المتكررة بتدمير البنية القتالية للحزب، أو حتّى إضعافها، أضف إلى إظهار الخلل في القدرة "الإسرائيلية"، وهو ما يبَلوِر مجدّدًا وبوضوح، امتلاك حزب الله القدرة على ضرب أهداف دقيقة وحسّاسة، على الرّغم من "الاستعدادات" "الإسرائيليّة".
"إنّه يوم من أيّام الله"، هكذا علّق كثيرون على خبر دكّ "تل أبيب" ثلاث مرّاتٍ في اليوم الواحد، مع تدمير 6 دبّاباتِ ميركافا بغروبِ شمس الرابع والعشرين من تشرين الثاني، واستهداف ما يزيد عن 11 مستوطنة "إسرائيلية"، و12 قاعدة عسكرية، و10 أماكن تموضع لجنود العدوّ، تطبيقًا لما قاله الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، فإنّ المقاومة لن تترك العاصمة بيروت تحت ضربات العدو، وإنّ أيّ استهدافٍ لها سيلاقيهِ ثمنٌ كبير سيدفعه العدو وسطَ "عاصمةِ" كيانه الموهوم.
صافراتُ الإنذار دوّت أكثر من 500 مرّة منذ الصباح في الأراضي المحتلّة، انعكاسًا لرُعبٍ أسقطتهُ مسيّرات الحزب وصواريخه، إنها قوة الله الممتدّة إلى الأيادي الضاغطة على الزّناد، النّار بالنّار، والقصف بالقصف، وفي كل مرّةٍ "يتوقّع" العدوّ نفادَ قدرات المقاومة العسكرية، فإنّ صاروخًا يعترضُ نبضَ الأراضي المحتلّة، يشعلُ وسطَ سماء "تل أبيب" ويفاجئ الجَمعَ بقدراتٍ نوعيّة، وبأنّ حزب الله قادرٌ على جرّ العدوّ إلى حرب استنزافٍ تخشاها حكومته.
وهنا مربطُ الفرس، "تل أبيب" لم تعُد بعيدَة المنال، كما كانت وستبقى هدفًا مشروعًا لقبضات مجاهدينا، أولئك الذين لا نعرف وجوههم، بل نرى ملامح المقاومةِ فيهم بأيادٍ وصرخاتٍ وتسبيحٍ باسم الله وقوّته، هؤلاءِ أملُنا بنصرٍ مبين يتّضحُ عند كلّ بيانٍ يُطلقه الإعلام الحربيّ، هؤلاء يدوسونَ بأرجلهم عنجهيّة "أمريكا"، ويقلِبونَ "أسطورة" الاحتلال إلى كيانٍ هشٍّ يضعف عند كلّ استهداف، ويحاول اختراقَ نصرٍ واهٍ بالمجازر في غزّة ولبنان.
هؤلاء من ستصيرُ "تل أبيب" على أيديهم اسمًا ماضيًا، وسيُرجعونَ ليافا جغرافيّتها الأصليّة، واسمَها المدوّي وسطَ البلاد، هم من يصنعون اليومَ نصرًا سيعيد للعالم أجمع كرامةً جهلَتها دول التطبيع والغطرسة الغربيّة، وهم أنفسهم، من إذا أرسَوا معادلةً طبّقوها برَأيِ العين، وداسوا بالبنادقِ عنجهيّةَ مجرمِ الحرب. هم أعيننا في المعارك، وروح نصرالله في الميادين، والمحطِّمونَ لأسطورة "الجيش" الّذي لا يُقهَر، هُم المُفاوِضونَ بالدّم والنّار، والمُناضلونَ بجهادٍ بَيِّنٍ سيظلّ يهدّد "تل أبيب" ومن عليها، حتّى يصرخ نتنياهو ذات يوم: "نعم، خسرنا الشمال، وخسرنا تل أبيب كذلك!".
وكالة القدس للأنباء*