وكالة القدس للأنباء
تشكل الغارات المستمرة التي يتعرض لها لبنان، إلى جانب الوضع الاجتماعي والاقتصادي المتدهور، تحديات جسيمة للاجئين الفلسطينيين، خاصة سكان مخيمات الجنوب، وتحديداً مدينة صور، الذين اضطروا للنزوح وترك منازلهم بسبب التهديدات الصهيونية بالإخلاء، وانقسمت اختيارات الأهالي، فالأغلبية نزحوا خوفاً على أطفالهم، وعلى كبار السن والمرضى الذين بحاجة إلى متابعة، أما الآخرين فاختاروا أن يبقوا في منازلهم رافضين تكرار تجربة النزوح، بسبب عدم حصولهم عند النزوح الأول على أماكن للإيواء، كما شهدت المخيمات في صور مؤخراً عودة عدد من العائلات النازحة، بسبب نقص الخدمات الأساسية، وقرروا البقاء وتحمل أصوات القصف على أن يكونوا في مراكز للإيواء.
وفي هذا السياق، تحدث الشيخ محمد، لوكالة القدس للأنباء، قائلاً: "نزحت أنا وزوجتي وأولادي وعائلاتهم إلى مدينة صيدا، بعد أن اشتد القصف، مكثنا في صيدا شهراً كاملاً في مدرسة، كلنا في غرفة واحدة ونحن 11 شخصاً، وبعدها قررنا أن نبحث عن منزل للإيجار، رغم أن أهالي صيدا لم يقصروا معنا أبداً، لكن نحن لم نتحمل، فلا يوجد خصوصية، ومعنا أطفال بحاجة للدخول إلى المرحاض وللاستحمام".
وأضاف: وبعد بحث طويل عن منزل، لم نوفّق بإيجار مناسب، فالأسعار تفوق الخيال، وطلبوا منا 1300$ و6 أشهر سلف، ناهيك عن 1000$ عمولة، لذلك قررنا العودة إلى منزلنا رغم الدمار والقصف المحيط بالمخيم"، موضحاً: أنه "عند عودتنا ردت لنا روحنا، وكأننا كنا غارقين وتم انقاذنا، لكننا صعقنا من حجم الدمار ونحن في طريق العودة، فكل ما نراه على شاشة التلفاز نقطة في بحر ما شاهدناه، نسأل الله الفرج القريب".
النوم داخل السيارة لمدة يومين
بدورها، قالت أم يمان لوكالتنا، "لم أعش يوماُ كالذي عشته عند ترك المنزل، علقنا في زحمة سير خانقة، ولم يكن بمقدورنا أخذ شيء من المنزل سوى أوراقنا الشخصية، هربنا تحت القصف الهمجي، أنا وزوجي وأولادي الثلاثة، ولم نعرف إلى أين سوف نذهب!"، مضيفة: "لقد نمنا في السيارة يومين، حتى استطعنا العثور على منزل كالخرابة، وإيجاره 600 $، في منطقة الجية، مكثنا فيه ما يقارب الشهر ونصف، وبعدها ضربت الطائرات الصهيونية عقاراً في المنطقة قريباً منا، وكأننا هربنا من الموت إلى الموت، للحظة لم أعد أستوعب ما يحصل، لكن لا يوجد عندنا حلول أخرى".
وأشارت: "نحن نعيش مأساة حقيقة، فزوجي الآن أصبح عاطلاً عن العمل، وبالكاد نستطيع تأمين طعامنا، فوضعنا المادي صعب، وندفع الايجار من المال الذي كان معنا، ولم يتبق منه سوى إيجار لشهر واحد فقط"، متسائلة، "أين دور الأونروا في كل ما نعيشه، على الأقل يمكنهم دفع الطعام والشراب وتأمين المستلزمات الأساسية، فنحن لم نر حتى اللحظة أي شيء ولا حتى وجبة طعام واحدة".
من جانبه، أشار أبو أحمد، الذي ما زال في المخيم حتى اللحظة، "لم أستطع ترك منزلي"، قائلاً: "ذهبت زوجتي وابني عند أهلها، وبقيت أنا وجار لي في المخيم، رغم كل التهديدات بالإخلاء، مبيناً أنه "في منزل أهل زوجتي يقطن 4 عوائل نازحين من أماكن مختلفة، لذلك كان علي البقاء من أجل حماية ممتلكاتنا، وإن كتبت لي الشهادة فهذا قدري، فأنا لا أترك منزلي حتى الموت".