ماذا يجري في جنوب لبنان من الناحية العسكريّة؟ ولماذا يُمارِس الناطق العسكريّ صلاحياته الواسعة لمنع نشر الحقائق عمّا يجري في كلٍّ من لبنان وقطاع غزّة؟ فهل هناك قضايا يعمل على إخفائها بهدف منع نشر الحقائق ضمن سياسة هندسة الوعي ورفع المعنويات لدى الصهاينة؟
علاوة على ذلك، لم يعد اتهام جيش الاحتلال بعدم كشف حقيقة ما يجري من معارك مع المقاومين في غزة ولبنان يقتصر على المتابعين الفلسطينيين والعرب، بل إنّه امتد مؤخرًا ليطال الرأي العام "الإسرائيليّ" الذي بات عددًا من كتابه الكبار المعتمدين يضعون علامات استفهام كبيرة حول مصداقية جيش الاحتلال بسبب ممارسته ما يعتبرونه عمليات خداع مستمرة.
موشيه نيستلباوم الكاتب في صحيفة (معاريف) العبريّة لم يتردد في القول إنّ “جيش الاحتلال لا يقول الحقيقة كاملة للإسرائيليين، وبعد أنْ باتوا يعتمدون تصريحات المتحدث باسم الجيش على أنّها كلمة صادقة وموثوقة، فإنّ ما حصل في الآونة الأخيرة يضع مزيدًا من الشكوك على ما يقوله ويعلنه، وأصبح من الواضح أنّ الجيش لا يختار دائمًا خيار قول الحقيقة للإسرائيليين، الأمر الذي يثير الغضب في المستوطنات الشمالية عقب إعلان المتحدث باسم الجيش عن العثور على نفقٍ يمر عبر الأراضي اللبنانية قرب قرية زرعيت في الجليل الغربي".
وأضاف أنّ “النفق الذي يقع في جنوب لبنان، ويخترق الحدود "الإسرائيليّة"-اللبنانيّة على بعد حوالي عشرة أمتار وهو مسدود دون مخرج، أثار غضب عميت تسوفير، رئيس مجلس مستوطنة ماروم الجليل الإقليمي، الذي أعلن أنّه ظلّ لسنوات يقدم شكاوى من المستوطنين للجيش بأنهم يسمعون أصوات حفر تحت منازلهم، لكن الجيش "الإسرائيلي" نفى دائمًا وجود مثل هذا الاحتمال، وادعى أنّ الأرض في المنطقة لا تسمح بالحفر، وزعم أنّ تربتها صخرية، وأنّ معدل الحفر يصل في أحسن الأحوال إلى مترٍ واحدٍ يوميًا".
وأوضح أنّ “سكان المستوطنات القريبة من الحدود عادوا مجددًا لتقديم شكاوى جديدة \للجيش مفادها أنّهم يسمعون أصوات الحفر تحت منازلهم ليلاً، لكن الجيش اكتفى باتهامهم بأنهم يتمتعون بخيال متطور، رغم أنّهم كانوا يسمعون أصوات حفر بحفارات محترفة، وتحت غرف المعيشة في منازلهم، لكن الجيش اختار ألّا يصدق المستوطنين، وادعى أنّ القصص كانت من نسج خيالهم. وفجأة، في عام 2018، تمّ اكتشاف أول نفق بالقرب من زرعيت، مع أنّ وقائع الحرب الجارية كشفت أنّ حزب الله لم يكتف بنفقٍ
واحدٍ، بل إنّه حفر بنية تحتية كبيرة من الأنفاق في المنطقة".
ونقل عن مستوطني مستوطنة (مسغاف عام) أنّ الحفارين بدأوا يحفرون باليد أو بالملعقة أو بالمجرفة، فيما قال آخرون من سكان الموشافيم والكيبوتسات على الحدود الشمالية إنّ الأمر بدا قريبًا جدًا، واعتقدنا أنّهم سيكونون داخل المنزل في أيّ لحظة، في حين اكتفى ممثلو الجيش بأنهم ليس لديهم علم بأيّ أنفاق تعبر للأراضي "الإسرائيليّة"، وطلبوا “عدم القيام بما وصفوها بأعمال أحادية درامية، وما إن جاء عام 2018، حتى تم تحديد وتدمير ستة أنفاق هجومية، وصلت إلى مستوطنتي المطلة وزرعيت، وبدا لاحقًا أنّ عملية القضاء على الأنفاق استغرقت 41 يومًا، لكن هذه لم تكن النهاية".
علاوة على ذلك، أكّد أنّه “في عام 2019، أعلن الجيش أنّه نجح في تحديد موقع (أم الأنفاق)، وكشف عن النفق الأكبر والأكثر تطورًا، وتبين أنّ لدى حزب الله كل الإمكانات لحفر الأنفاق في الشمال دون انقطاع، ووفقًا لدراسة أصدرها مركز (علما)، المتخصص بدراسة التحديات الأمنية لإسرائيل، فإنّنا لسنا أمام شبكة من الأنفاق الهجومية أو الأنفاق الجهنمية فقط، بل شبكة من الأنفاق الأقاليمية التي تصل إلى بيروت، ما يطرح التساؤلات الصعبة على الجيش: لماذا كان من الصعب اكتشاف الأنفاق التي تم حفرها؟.”
ونقل عن تال باري، مدير الأبحاث في مركز علما، أنّ “السبب في ذلك هو الطريقة التي تم بها زرع المتفجرات في الأنفاق، ما أدى لإغلاقها بالكامل، وجعل من الصعب كشفها بمساعدة أجهزة الاستشعار التي تعتمد على الحركة والتغير في الحجم، فيما يبقى السبب وراء عمل الجيش مع شكاوى مستوطني الشمال منذ سنوات ليس واضحًا، كما أنّه ليس من الواضح سبب اتهام من اشتكوا من سماع أصوات الحفر بأنهم موهومون، وذوو خيال متطور، لأنّ عدم وجود سبب مقنع يجعلنا نشكك في مصداقية الجيش برمّتها”.
في هذا السياق، يُشار إلى أنّ كشف مراسل القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ، شاي ليفي، كان قد كشف عن فضيحةٍ للناطق العسكريّ الإسرائيليّ، وتفاصيل تتعلق في (البروباغندا) التي يقوم بها لإظهار تقدمٍ في التوغل داخل لبنان.
الصحافي قال في مشاركاتٍ عبر حسابه بموقع (إكس)، إنّ الناطق، اصطحب الصحافيين الإسرائيليين، إلى المنطقة الحدودية، ودخلوا بضعة أمتار فقط إلى جنوب لبنان.
ولفت إلى أنّ الناطق العسكريّ، قام باستبعاده من قائمة الصحافيين الذين قام باصطحابهم، لأنّه “لا يريد سماع الأسئلة الصعبة".
وأشار إلى أنّ الهدف من الجولة والتصوير، والذي تُركِّز على بيتٍ زعموا أنّ بداخله كمياتٍ كبيرةٍ من الأسلحة، هو “خدمة البروباغندا الإعلامية للجيش".
واختتم: “إنّ الجيش، لن يخبركم عن الحدث الذي اضطرت فيه مروحية أباتشي لإلقاء ذخيرتها داخل الأراضي الإسرائيليّة بسبب حدثٍ جرى”، في إشارةٍ واضحةٍ إلى أنّ الجيش يفرض التعتيم الكامل على ما يجري داخل الجنوب اللبنانيّ.
والسؤال الذي يبقى مفتوحًا: هل إذا (حزب الله) يمتلك الأنفاق التي تصل للأراضي "الإسرائيليّة" من شأنها أنْ تُسهِّل عليه مهمة اجتياح الجليل، كما كان مخططًا لها من ذي قبل؟