محمد شاب فلسطيني عربي من إحدى بلدات الجليل الأعلى، دفعته ظروف الحياة في الداخل الفلسطيني المحتل، الى العمل في مدينة "تل أبيب" يافا المحتلة؛ تلك المدينة المختلطة التي تعجُ بالحياة والناس على مختلف أشكالهم وإنتماءاتهم. كان محمد، خريج إحدى جامعات الإحتلال، يحصّل دخلاً ممتازاً من عمله كعامل توصيلات لطلبات الزبائن لا سيما "الإسرائييليين" منهم والذي يعيشون على أرضنا المحتلة ويتنعمون بهواها وثرواتها برفاهية أموال الضرائب الأمريكية.
فبحسب ما قاله محمد، هذا الشعب المرتزقة الكسول الذي سرق أرضنا، يدفع ضعفي السعر وأكثر لطلباته غير الأساسية كالسجائر والمشروبات والشيبس وما الى ذلك، ويعيش في فلسطين المحتلة متوهماً بأنها نيويورك أو لاس فيغاس الشرق الأوسط، الى أن دوَّت صفارات الإنذار وتوقفت الحياة على أثرها.
عاد محمد الى بلدته، بعد أن توقف عمله، فالمغتصبون أخلوا الأرض ذعراً، منهم من إختبأ في الملاجىء كالفئران، أما غالبيتهم العظمى من حملة الجنسيتين او الباسبورين باللغة المحكية، فقد حملوا حقائب ثيابهم وغربوا الى حيث أتوا إلينا، فأرقام الراحلين من المستوطنين تفوق ما يصدّره إعلام العدو من أرقام بسيطة (بحسب المصادر العبرية فإن عدد المغادرين بلغ حوالي 40,000 فقط منذ بداية هذا العام).
يقول محمد، تحولت مدينة "تل أبيب" المزعومة الى مدينة أشباح، بأبراجها العالية ومطاعهما وملاهيها الفارغة من حياة كانت كذبة ومضت. وكشفت هذه الحرب زيف الحياة في دولة الإحتلال "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط" بحسب ما يروّج لها المحتل ويصفق له المستعمر الغربي، المبنية على أكذوبة الوطن الموعود لشعب أرعن لا يعرف معنى للأرض وترابها، وبطبيعة الحال لا يدرس الصمود والتصدي ولا يرضع حب الأوطان والقومية، لا بل يتجرع الكراهية والإجرام بالزيف والتدليس والخداع بدءاً من تعاليمه الدينية وصولاً لممارساته الحياتية المستوردة.
لا تحتاج المقاومة الى ضرب المباني وتدمير البلاد، كما يزعم محمد، يكفيها إطلاق "الطيور" التي تتسبب بدوي صفارات الإنذار لترسل عاموس وليفي وإيتمار ومن شاكلهم الى بلدانهم الأم من ميامي الى بولندا وأوكرانيا وغيرها من دول العالم التي جلبت هذه القطعان الشقراء الملونة الى أرضنا السمراء الأبية.
أما بعد عودته الى بلدته في شمال فلسطين، فلا تزال صفارات الإنذار تلاحق المستوطنين في مستوطناتهم القريبة من الحدود اللبنانية، فتركوا بيوتهم ومزارعهم وأراضيهم المغتصبة وأغلقوا أبواب المصانع والمعامل والمصالح كما وعدنا سيد المقاومة وتاج الشهداء. أما بالنسبة للمصالح الصغيرة، فهي ما زالت مستمرة في الجليل والداخل بعيداً عن منطقة الحدود الشمالية والجنوبية ومناطق الوسط. وبذلك يجد الفلسطيني ما يعمله لتأمين معيشته بعد تعرض غالبية المصالح للضرر، أما بالنسبة لمحمد وغالبية شبابنا فقد وجدوا فرصهم في المصالح الحرة لا سيما البناء وتعبيد الطرق.
ختم محمد حديثه بأنه ليس للعربي مفر ولا ملجأ إلا البلاد، فأرض فلسطين كانت ومازالت ملجأه وأمانه وبيت أسراره.
*الولايات المتحدة الأميركية
14 تشرين أول 2024