وكالة القدس للأنباء - متابعة
ليس خفياً على أحد انحياز القناة السعودية الصارخ لمصلحة السردية والبروباغندا الإسرائيلية منذ بدء العدوان على غزة في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023. بعدما تلقّت الثناء من شخصيات ومسؤوليين في الكيان العبري، ها هي «هيئة البثّ العام» العبرية تصدر تقريراً تضيء فيه على أداء المحطة وبراعتها في التصهين أكثر من الصهاينة!
لم يعد خفيّاً أنّ قناة «العربية» السعودية اختارت منذ سنة طرفاً في الحرب القائمة حالياً، وهو ليس طرف العرب كما يوحي اسمها، بل طرف العدوّ الصهيوني وحربه على العرب. بعكس سائر شقيقاتها من قنوات عربية، اختارت النطق باسم العدوّ والترويج لسرديّته وحججه لقصف فلسطين ولبنان، منضمّةً في ذلك إلى قنوات غير عربية لكن ناطقة باللغة مثل i24 الإسرائيلية و«الحرّة» الأميركية و«سكاي نيوز» التابعة لشراكة إماراتية ــ بريطانية. وقد طالتها انتقادات كثيرة منذ أن بدأت تغطيتها ولغتها المنحازتَين واستضافت متحدّثين باسم كيان الاحتلال («الأخبار» 1/11/2023) وصولاً إلى دعوات في دول عربية مختلفة إلى مقاطعتها.
من جهة أخرى، أشاد الجانب الإسرائيلي مراراً بدورها في نقل السردية الصهيونية («الأخبار» 28/8/2024)، آخرها من مستشار الرئيس الإسرائيلي والمتحدّث السابق باسم حكومة الكيان، إيلون ليفي، الذي علّق على X قبل استضافته على القناة قائلاً إنّ تغطيتها «أكثر إنصافاً من عدد من وسائل الإعلام الغربية»، بالإضافة إلى نشر صحيفة «هآرتس» العبرية تقريراً يمدح القناة، واصفاً إيّاها بأنّها «بديلة للأصوات المناهضة لإسرائيل في وسائل الإعلام العربية»، و«ناطقة بلسان وليّ العهد السعودي محمّد بن سلمان».
ولئن أشار التقرير المذكور في حينه إلى «تعاون «إسرائيل» في نقل الرسائل إلى القناة»، إلا أنّ الأمر لم يحصل على الاهتمام الكافي إلى أن نشرت هيئة البثّ العام الإسرائيلية «كان» قبل أيّام تقريراً مفاده أنّ «العربية» «تتعاون بشكل مباشر مع الجيش "الإسرائيلي" وتتلقّى معلومات حصرية في مقابل تقديم صورة إيجابية عن الجيش الإسرائيلي لمشاهديها في العالم العربي".
وأضافت «كان» أنّ تحيّز «العربية» لإسرائيل «واضح في العناوين الرئيسية ومحتوى الأخبار العاجلة التي تبثّها القناة». ونشر موقع The Cradle مثالاً على ما سبق قائلاً: «عندما اغتالت إسرائيل خليل المقدح، القيادي في الجناح المسلّح لحركة «فتح» الفلسطينية، في غارة على سيّارته في لبنان في 22 آب (أغسطس) الماضي، ذكرت قناة «العربية» أنّه كان هدفاً للغارة حتّى قبل أن يتمكّن الموجودون على الأرض من التعرّف إليه. وهذا ممكن فقط إذا كان الجيش الإسرائيلي قد زوّد القناة السعودية بالمعلومات». هذا المثال ليس يتيماً، فقد حصل الأمر ذاته مع محاولات استهداف العدوّ قادة متعدّدين من المقاومة في لبنان، مثل الشهيدَين فؤاد شكر وإبراهيم قبيسي، والقائد علي كركي الذي فشلت محاولة اغتياله، وغيرهم الكثير.
وتشير «كان» إلى أنّ «تعاون قناة «العربية» مع القوات الإسرائيلية يتجلّى أيضاً في التعابير التي تستخدمها أو لا تستخدمها عند تغطية الحرب على غزّة، بناءً على تعليمات المدير العام للقناة» وشقيقتها «الحدث»، ممدوح المهيني، مختتمةً بالتساؤل عن «نتائج تعاون الجيش الإسرائيلي مع «العربية» على تحالفات إسرائيل واتفاقيّاتها وعلاقاتها مع العالم العربي».
وكانت «هآرتس» قد أشارت في السابق إلى أنّ القناة السعودية «تميّزت بتغطيتها المتعاطفة مع إسرائيل لاتفاقيّات إبراهام (صفقة القرن) التي وقّعها الكيان مع الإمارات والبحرين عام 2020، حتّى إنّ الشبكة بثّت لقطات من الكنيست وقت توقيعها». ونقلت الصحيفة عن الباحثة في «معهد دراسات الأمن القومي» والمستشارة السابقة في وزارة الخارجية الأميركية، أوريت بيرلوف، قولها إنّ «إسرائيل من جانبها تتعاون وتنقل رسائل للقناة».
ويشير موقع The Cradle أيضاً إلى أنّ «العربية» أظهرت «تحيّزاً مماثلاً تجاه «داعش» بعد اجتياح التنظيم الإرهابي سيّئ السمعة للموصل، ثاني أكبر مدن العراق، في حزيران (يونيو) 2014»، مضيفاً أنّ «المدير العام (السابق) عبد الرحمن الراشد أوعز إلى القناة بالإشارة إلى إرهابيّي «داعش» على أنّهم «ثوّار العشائر» عند تغطية غزو الموصل». ويكمل الموقع أنّ «القناة ادّعت كذباً أنّ مئات الآلاف من سكّان الموصل كانوا يفرّون من المدينة بسبب قصف الجيش العراقي وليس بسبب استيلاء «داعش» على المدينة».