/مقالات/ عرض الخبر

بين صبرا وشاتيلا وغزّة.. المجازر "الإسرائيلية" تلاحق الفلسطينيين!

2024/09/16 الساعة 09:25 ص

هبة دهيني

حين يكون العالم وحشيًّا يترأّسه بالمفهوم الغربيّ كيانٌ صهيونيٌّ ينفّذ مذابحه كيفما شاء، ويخشى اسمَ الفلسطينيّ فيلاحقه أينما حلّ، ويطلق كلّ ما لديه من قدراتٍ تعسّفيّةٍ يرميها في وجه الأطفال والشيوخ والنساء والرجال الفلسطينيين، ثمّ يشغّل أذرعه في المنطقةِ ويطلب من كلّ ذراعٍ تنفيذ مذبحةٍ في بقعةٍ جغرافيّةٍ معيّنة، حين يكون العالم وحشيًّا إلى هذا الحدّ، وجبَ على الذّاكرة الثوريّة أن تبقى، ووجب علينا أن لا ننسى، وأن لا نغفر.

 في 16 أيلول 1982، أشعل العدوّ "الإسرائيليّ" حمام دمٍ في مذبحةٍ استمرت لمدة ثلاثة أيام في مخيّمَي صبرا وشاتيلا في العاصمة اللبنانية بيروت، لم يُعرف عدد شهدائها بدقّة، إلا أن التقديرات قالت أنه يتراوح بين 3500 و5000 شهيد، أغلبهم من الفلسطينيين، وبينهم لبنانيون، أقفل فيها الاحتلال الطّرق إلى المخيّم، وأشعل المكان بالقنابل حتّى يتمكّن كلّ شريكٍ في المذبحة وكلّ عميلٍ تحت أيدي العدوّ أن يقوم بمجزرته على ضوءٍ ليبصر شلّال الدم والأشلاء المقطّعة، هؤلاء الّذين تمسّكوا بالمحتلّ و"كتبوا" المذابح وهم شركاء معه، فنجحت "إسرائيل" ومعها واشنطن في تغيير القوانين الأوروبية لمنع محاكمة قادة العدوّ حينها، حتّى يبقى المُجرم حرًّا ينفّذ مذابحه متى شاء، إن كان في صبرا وشاتيلا أم في غزّةَ والضّفّة، ولتبقى الضّحيّة تشكّل هاجسًا يخشاه المحتلّ كلّ يومٍ أكثر، فيفرغ حقده في القتل والتجويع والإبادة الجماعية.

بينَ ما حصل في صبرا وشاتيلا وما يحصل اليوم في غزّة 42 عامًا، أعوامٌ لم يتمّ فيها تنفيذ حُكم الإعدام بالقاتل الواحد "إسرائيل"، فظلّ هذا المجرم يتغنّى بإجرامه أمام الملأ، وها هو عدد الشهداء يتزايد يومًا بعد آخر، والقوانين "الدَّوليّة" هي نفسها، تُعطي للمجرم حقّ "الدّفاع" عن نفسه، وللضّحيّة حقّ الصّمت عن مظلوميّتها!

لقد حاول الاحتلال "الإسرائيليّ" واهيًا أن يسرق صورة نصرٍ لصالحه عن طريق المجازر والصواريخ اللامحدودة، فلم يكُن النّصر على مقاسه أبدًا، واليوم، في أتون الحرب الوحشية على قطاع غزّة، يقاوم الفلسطينيّ ومعه اللبناني من جنوب لبنان مساندًا إيّاه في هذه الملحمة التاريخية، فأمام المذابح "الإسرائيليّة" التي تبدو في تصعيدٍ مستمرّ، تظهر المقاومةُ اليومَ وهي أشدّ فتكًا وقوّةً واستعدادًا وقدرة، فإنّ العملاء أينما كانوا، مصيرهم واحدٌ ولو بعد حين، والفلسطينيّ أينما كانَ فهو يشكّل الذّعرَ نفسَه "للإسرائيليّ" وأذرعه في المنطقة، أمّا النّاجي الوحيد في هذه المعركة، فهو الشّهيد، الّذي بدمائه يُرسم تحريرُ الأرض القادم، والأرض هذه تشمل البلاد العربية كلّها، لاقتلاع الوهم "الإسرائيليّ" من صُلب الوجود.

إنّ العدوّ بكلّ مجازره يراهن على أن ننسى، حتّى يتمكّن بعد 40 عامًا وأكثر، من أن يقوم بمجازرَ مشابهة، باعتبارِ أن لا وجود لمن يحاسبه، مدّعيًا أنّ الذّاكرة الفلسطينيّة تَنسى. على هذا المحتلّ الغاشم أن يدركَ جيّدًا أنّ الموتَ يولّدُ من رَحِمه آلافًا من المقاومينَ الّذين يولدونَ سعيًا لدحر "إسرائيل"، ولإنقاذ الأمة العربية جمعاء من هذا الخطر المحدق بنا من أعوامٍ عِجاف، كي يقوموا باجتثاث المحتلّ من بلادنا مترجّلينَ على صهوة النّصر التي انتظرناها طويلًا. (وكالة القدس للأنباء)

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/208780

اقرأ أيضا