الحمدلله الذي نصر عبده وصدق وعده وأعزّ جنده وهزم الأحزاب وحده..
وبعد.. فإن لكل بداية نهاية، ولكل صعود نزول، ولكل وعد إلهي موعد لا يُخلف، فإن الله لا يخلف الميعاد..
وإن في كتاب الله تعالى وسنة نبيه، من تاريخ وقصص الأمم الغابرة عِبَرٌ ومواعظ تحكي حال ومآل أهل الظلم والاستبداد، وما حل بالمتكبرين المعاندين، والمخالفين للسنن الإلهية على مر العصور، فقوم نوح، وعاد وثمود كذبوا أنبياءهم وجحدوا ربهم فأهلكهم، وطغى فرعون أيما طغيان فالتهمه البحر هو وجنوده، فهل ترى لهم من باقية؟، وكذَّبت قريشُ محمدا، فأذن الله لنبيه بقتالهم، فأذل صناديد الشرك، وفضح سرائر المنافقين، وشرّد وقتّل وأجلى اليهود، شِرار خلق الله أينما حَلّوا وحيثما ارتحلوا..
وإن من سنة الله في كونه أن يفسد بنو إسرائيل في الأرض إفسادين عظيمين وأن يبلغ علوهم الكبير مبلغه، يعقب هذا العلو تتبير يهدم كل شرورهم ويكشف كل زيفهم، ويدحض كل تاريخ مزوّر جيّشوا له كل أعوانهم من شياطين العرب والعجم ليثبتوا لأنفسهم موطأ قدم على أرض تلفظهم فيها كل ذرة تراب، وكل نسمة هواء.
إن بني إسرائيل الذين تحدثت عنهم فاتحة سورة الإسراء (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلُنّ علوا كبيرا) ليسوا اليهود الذين يحتلون فلسطين وحسب، بل يدخل معهم النصارى الصليبيون الذين اختلطت عقيدتهم بالأفكار الصهيونية، فكانوا أقرب للصهيونية الدينية في الفكر العقائدي، فهم نصارى في الاسم فقط، يهود صهاينة في الفكر والعقيدة، شركاء مع يهود الكيان "الإسرائيلي" في هدف وغاية واحدة، قتال كل من سواهم من الأمم، وإزالة كل فكر يتنافى مع مقاصد الصهيونية اليهودية، في الهيمنة على كل خيرات الأرض بقوة السلاح ونشر الفوضى والاضطرابات في العالم بكل الوسائل المتاحة.
إن زرع أتباع الصهيونية الصليبية لليهود "الإسرائيليين" في فلسطين التي هي قلب الشام وريحانتها ومسرى نبي الإسلام، لم يأتِ عبثا، بل هو تحقيق لسنة الله التي نبأ بها نبي هذه الأمة، محمد صلى الله عليه وسلم، عندما أخبر بأن الأمور العظام والملاحم الحاسمة الفاصلة، التي تؤرخ لاقتراب النهاية، ستجري أحداثها على أرض الشام، وكأن أمم الاستبداد كلها ستجتمع على أرض الشام المباركة، لتنطق أحجارها وأشجارها (يا مسلم يا عبدالله هذا يهودي يختبئ ورائي تعال فاقتله)..
(لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم أرض الشام) هكذا أخبر النبي الكريم.. وهذا ما يتحقق اليوم بحذافيره.. الروم بخيلهم وخيلائهم، ببوارجهم وحاملات طائراتهم، يعسكرون في أرض الشام لقتال أهل الحق ووأد كل صحوة إسلامية قد تهدد كيان الصهيونية اليهودية وتحد من تأثيره وهيمنته على خيرات ومقدرات الأمة..
السابع من أكتوبر لم يكن حادثا مارقا غيّر مجرى التاريخ، ليس هكذا الوصف الحقيقي لذلك اليوم، بل هو سنة الله التي قدّرها وأجراها وهيأ لها الأرض منذ الأزل، ليقضي الله أمرا كان مفعولا.. وليسير التاريخ في مجراه الصحيح، على سكة العقيدة الراسخة المبنية على تحقق وعد الله، بظهور إفساد وعلو بني إسرائيل أولا، ثم تتبير هذا العلو ونسفه نسفا يذره قاعا صفصفا..
نعم.. لقد بدأ العلو الكبير.. فلا يرى بنو إسرائيل اليوم أحدا فوقهم، ولا يعتقدون أن كائنا على الأرض يستحق الحياة سواهم، يضربون عرض الحائط كل قوانين الكون الشرعية والوضعية، فلا مجلس الأمن يحكمهم، ولا الأمم المتحدة تضبطهم، ولا محكمة العدل يرونها بأم أعينهم، يقتلون بالإبادة في غزة وغيرها كل نفس، حتى لو كانت تلك النفس معلقة في حبلها السري، ويهدمون كل بناء مهما علا دون أي اعتبار لأحد، ويبيحون لأنفسهم كل حرام وكل محظور، مدعومين بحبال إخوانهم صهاينة أمريكا وأوروبا، وصمت ورضا صهاينة العرب من طواغيت الحكم وعبدة الكراسي..
نزل صهاينة الروم أرض الشام في 7 أكتوبر، وأفسدوا في الأرض كل إفساد بحجة الدفاع عن النفس، وباشروا بالعلو الكبير الذي لم يزل يرتفع فوق كل من ارتفع، متسلحين بعقيدتهم التوراتية المحرَّفة، وبنبوءات كاذبة ما أنزل الله بها من سلطان..
إنهم يسابقون الزمن فيما بقي لهم من أنفاس على أرض فلسطين، يخربون كل شيء، يقتلون كل شيء، رغم أنهم يعلمون أنهم راحلون حتما وليس ببعيد..
هذه الصولة في الشام وفي فلسطين ليست كأي صولة، ونهايتها ليست كأي نهاية، نحن لم نزل في البداية.. فالنهاية ليست لهم هذه المرة.. الشام جهزّت جندها.. وجيش شرقي النهر بدأ في الصحوة.. وعدن اليمن يخرج منه إثنا عشر ألفا ينصرون الله ورسوله.. ورمال دابق تنتظر المعركة الفاصلة..
فارتقبوا إنّا معكم مرتقبون..