/مقالات/ عرض الخبر

أين تصرف "الإدانات" العربية والإسلامية لتصريحات بن غفير بخصوص "الأقصى"؟

2024/09/09 الساعة 05:01 م
عيون وآذان الحكام لا ترى ولا تسمع
عيون وآذان الحكام لا ترى ولا تسمع

أسماء بزيع*

لم يكتفِ وزير الأمن القومي المتطرف، إيتمار بن غفير، بالكشف عن نيّته ببناء كنيس في المسجد الأقصى، طبقًا لما أدلى به خلال مقابلة مع  "إذاعة الجيش الإسرائيلي". بل وجدد دعوته للسماح لليهود بالصلاة في المسجد، ما خلّف عاصفة من التهديدات والانتقادات والتحفظات الفلسطينية و"الإسرائيلية" على حد سواء، ودفعت دول عربية وأخرى إسلامية إلى إدانات بعبارات "الشجب" كالعادة، بكلماتٍ فضفاضة لا تصرف في سوق نخاسة، ولا تساوي حتى الآن قيمة الحبر الذي كُتبت فيه.

فرغم ارتفاع عدد الشهداء عن الـ50 ألفًا جرّاء الحرب الإسرائيلية الهمجية على قطاع غزة، معظمهم من الأطفال والنساء،  والمستمر ليلًا ونهارًا، يتواصل معه الخذلان العربي والإسلامي،  بمواقف محتشمة ضعيفة، منها التي تتماهى مع الموقف "الإسرائيلي" في إلقاء اللوم على المقاومة الفلسطينية، وأخرى تحاول الضغط باتجاه تحقيق هدنة إنسانية، وهناك مواقف أخرى خارج الخدمة؛ لا صوت لها إزاء ما يحدث من إبادة في غزة.

وسببها تخاذل الأنظمة العربية في نصرة الفلسطينيين إلى كون معظم هذه الأنظمة "وظيفية" خاضعة وتابعة للقوة المهيمنة في العالم، وخاصة الولايات المتحدة وحليفتها "إسرائيل". فيتاجر بعضها بالقضية الفلسطينية، ويستبيح بعضها الآخر دماء الفلسطينيين في غزة. وذلك لأن عدم وجود رد فعل عربي مناسب للفعل "الإسرائيلي" والمرتبط بقناعتها إلى حد بعيد يجعلها كذلك. ومن هنا نجد مواقف الدول الخليجية من الحرب على غزة بمقياس مصالح كل دولة، مع بعض المحددات الأخرى التي تحكم كل دولة من الدول الخليجية.

صحيح أن دور الشعوب العربية أظهرت جميعها دعمها للفلسطينيين، لكنه مع الأسف هذه المواقف الشعبية لم تنعكس بشكل ملموس في قرارات الحكومات. وهنا ليس المطلوب من هذه الدول العربية الذهاب إلى غزة لمحاربة الاحتلال، بل المطلوب اتخاذ مجموعة من الإجراءات ومن المواقف الملموسة والمؤثرة لدعم أهل القطاع، وأقلها إلغاء كل أشكال التطبيع مع "إسرائيل" وطرد سفرائها من الدول التي طبعت معها، أو حتى استخدام ورقة النفط للضغط على "تل أبيب" والحلفاء الذين يدعمونها، إلى جانب المقاطعة الاقتصادية.

لكن ما جرى في الواقع هو كالتالي: رغم المسيرات الشعبية التي تحركت في العديد من العواصم والمدن الأوروبية والأمريكية والمطالبة بوقف العدوان على غزة، لم يسمح الحكام العرب بشيء من ذلك في بلادهم، ولا حتى بصلاة الغائب على الشهداء في المساجد، حتى عندما طلب اتحاد علماء المسلمين السماح لهم مع نشطاء دوليين بدخول غزة عن طريق رفح لإدخال المساعدات، لم تستجب له السلطات المصرية. أمّا السعودية فلم تتبن هي والإمارات المطالب باتخاذ إجراءات أكثر صرامة، حتى مع اعتماد المسؤولين لغة أكثر صرامة في انتقادهم للإجراءات "الإسرائيلية".

وهكذا فإن مواقف الحكام العرب والمسلمين من الإبادة "الإسرائيلية" لسكان غزة لم ترقَ لمواقف عددً من دول أمريكا اللاتينية مثل بوليفيا وكولومبيا وتشيلي وهندوراس، التي قطعت علاقاتها بـ"إسرائيل" أو استدعت سفراءها لديها احتجاجًا على عدوانها البربري على غزة، كما لم ترقَ لموقف جنوب أفريقيا التي رفعت دعوى ضد "إسرائيل" بمحكمة العدل الدولية لممارستها الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين.

بل وأيضًا، فإن مواقف الحكام العرب لم ترقَ لمستوى مواقف أيرلندا والنرويج وإسبانيا وبلجيكا، بمطالبتها دخول المساعدات، بينما لم نسمع عن حاكم عربي استقبل مسؤولًا من غزة لمجرد المؤازرة المعنوية، ولم تدخل غزة سوى وزيرة قطرية لتقديم المساعدات.. حتى تركيا التي قال رئيسها إن جنود غزة ساهموا مع الجيش التركي في معاركه تاريخيًا، لم ترد الجميل لأهالي غزة بما كان يجب عليها، وبما يكافئ مكانتها الاقتصادية والسياسية، وتركتهم فريسة للجوع.

وهكذا جاءت أحداث "طوفان الأقصى" لتثبت أكثر وبشكل عملي بأنه لم يعد الأمر قاصرًا على الحكام العرب بل امتد أيضًا إلى حكام الدول الإسلامية، والذين لم يكتفوا بخذلان أهل غزة فقط، بل تآمروا عليها وساهموا في تجويعها، أملًا في شق الصف الغزاوى ما بين السكان والمقاومة. لكن وكلما استمرت المقاومة  في صمودها كلما زاد غيظ هؤلاء، واستمروا في تعاونهم ليس فقط مع دول الغرب بل ومع "إسرائيل" مباشرة؛ سعيًا لسرعة القضاء على المقاومة، ولا فرق هنا بين موقف الإدارة المصرية أو الإماراتية أو السعودية أو الأردنية أو غيرها.

ولأن المقاومة في غزة والمحور،  تعيد تذكير المسلمين بأنهم أمة واحدة تربطها مصالح وهموم مشتركة، فإن هؤلاء الحكام العرب و"الإسرائيليين" والغربيين والأمريكيين، سيستمرون في سعيهم لتحقيق هدفهم المشترك، بالقضاء على ما يمكن أن يتسبب في صحوة عربية أو إسلامية والمتمثل في صمود المقاومة، وهو ما يجب أن تعيه الشعوب العربية والإسلامية وتستعد له. *(وكالة القدس للأنباء)

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/208560

اقرأ أيضا