/مقالات/ عرض الخبر

الغربُ والأنظمة المطبّعة: تعاونٌ لقتل الغزّاويّ!

2024/08/28 الساعة 10:34 ص
شركاء في حرب الإبادة الجماعية
شركاء في حرب الإبادة الجماعية

هبة دهيني – وكالة القدس للأنباء

"اقتلوا كلّ شيء يتحرّك"، هذا ما تخطّه "إسرائيل" في كلّ ثانيةٍ تُهَندس فيها مذبحةً جديدةً في القطاع، مذابحُ تحصل على موافقةٍ أمريكيّةٍ و"عربيّةٍ"، من مطبّعينَ مع الكيان، ومِن مُعترفينَ "بشرعيّةٍ" زائفة لحكومته المزعومة. هؤلاء المعترفون بعلاقاتٍ طبيعيّةٍ مع العدوّ، ربّما لم يدركوا بعد أنّ الدّم المسفوك في القطاع يمرّ عبرَ اتّفاقيّاتهم، وأنّهم بعيدون كلّ البُعدِ عن نصرة غزّة.

في البلاد المطبّعةِ مع الكيان، تحاول الأنظمة إبعاد الشّعوب العربيّة عن القضيّة الفلسطينيّة عبر إلهائهم بأدواتٍ واهية تجعلهم يصوّبون أنظارهم على أحوالهم وحاجاتهم الشخصية، فيدكّون بذلك إسفينًا بينَ القضيّة والشّعوب العربيّة، وكأنّ القضية في مكانٍ وهُم في زوايا أخرى، لعزلهم عن المقاومةِ وسبلِ العيش المنخرطة في ما يحدث في قطاع غزّة اليوم، هذا ما يشجّع زرع سياسات الأمرَكة في الأنظمة والبلاد العربيّة، وتعزيز شعور الفردانيّة، وإقصاء مصطلحات "المصير المشترك" و"القضايا الجامِعة" و"البلاد القوميّة" و"التّضامن المجتمعي" و"الذّاكرة الجَمعيّة الواحدة"، وهذا ما أراد الغربُ زرعه وقد وجد تربةً خصبةً لذلك تتشكّل بالأنظمة العربيّة المطبّعة.

يصبح الإنطواء على الذّات والرّغبات الخاصّة بعيدًا عن القضيّة الأكبر وربطها بالمنظومة الداخلية للفرد هو أساس ما تتشبّع به الشّعوب العربيّة، فتبتعد بأنظارها عن أهمية دعم القضية الفلسطينية للارتقاء نحو جيلٍ مقاومٍ بتفكيرٍ نقديّ مشاركٍ في القضايا العامّة، فالأنظمة المطبّعة تنقل السّرديّة المشبّعة غربيًّا لشعوبها، فيتلقّى الشّعب المذبحة في غزّة بأسلوبٍ مضلّل يساوي بين الضّحيّة والجلّاد، ويعطي الأحقيّة للكيان "الإسرائيلي" "للدّفاع عن نفسه"، فتعكس الدّول هذه أجندتها التطبيعية مع العدوّ والملائمة بأفكارها مع المعسكر المُتأمرِك على الإعلام "العربي" الّذي تموّله، فتصل الصّورة مضلَّلةً إلى المتلقّي، وإن كان هذا المتلقّي ينظر للأخبار بسطحيّتها، فلن يبصر الدّم في غزّة بوضوح، وسيعتاد على المشاهد والمجازر، وسينغمس عقله مع ما تريده الصّحافة الصّفراء.

إذًاً، بيدٍ تلوّن الأنظمة المطبّعة إعلامها وتلبسُه أقنعةً تفتحُ "لإسرائيل" من خلالها المنبرَ لتكرّر سرديّاتها وكذبها الّذي تستخدمه هو نفسُه في كلّ معركة، وباليد الأخرى ترمي الغزّاويّ في البحرِ ثمّ تقول له "هاتِ يدك!"، وتكتفي بالتّنديدات والمنابر الواهية، غير مدركةٍ بعد -أو هي مدركة ولكنّها ترفض الإفصاح عن ذلك- أنّ مجرّد الاعتراف بالكيان كدولةٍ لها "حقٌّ في الدّفاع عن نفسها"، أو لها "جيشٌ بمتحدّثٍ باسمه"، أو تمتلك على مستوطناتها "مدنيّين"، كلّ هذا التّبدّل في المصطلحات هو تطبيعٌ مع الوجود "الإسرائيليّ"، وهذا التطبيع بكل أشكاله الاقتصادية والسياسية "المصالحيّة"، هو مشاركةٌ في سفك الدم الفلسطينيّ.

الشّعب الغزّيّ اليوم يُذبح على خشبةٍ عربيّة-غربيّة، فالتّخاذل عن نصرة الحقّ يُخرِطُ المتخاذلَ في المعركة ضدّ الفلسطينيّ، إذ أنّ التطبيع مع العدوّ يعني جعلَ المذابح اليومية في غزّة أمرًا طبيعيًّا للعَلَن، وهذا ما لا يجب أن يحصل، فالدّول العربية المتلاصقة جغرافيًّا بغزّة والضفة الغربية، هي بعيدةٌ كلّ البعد عنها، ففي معجم المقاومة، السّلاح هو ما يحدّد مقياس المسافة، فقد بَرهنت المقاومة الإسلامية في لبنان اليوم، أنّ جنوب لبنان أقرب إلى غزّة من مصر وما ساواها، لأنّ أحقّيّة تحديد الجغرافيا العربية تعود لأصحاب الحقّ والكفاح المسلّح المشروع، فتحرير فلسطين يمرّ عبر فوّهة البندقيّة، لا عبرَ اتّفاقيّات التّطبيع!

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/208144

اقرأ أيضا