/مقالات/ عرض الخبر

نهج الاغتيالات "الإسرائيلي" .. لن يجتث المقاومة ولن يستعيد قوة الردع!

2024/08/06 الساعة 02:49 م

أسماء بزيع – وكالة القدس للأنباء

شكلت الحرب ما بعد طوفان الأقصى نقطة تحول في إعادة تفعيل برنامج الاغتيالات الأمريكي-"الإسرائيلي". ويحاول "الإسرائيلي" فيها ومنذ عشرة أشهر تحصيل غاية تقديم صورة الإنجاز، ولا يهتم لتداعيات أعماله،  لذلك ليس لديه مشكلة بأن تتدحرج الأمور مقابل أن يقدم الصورة التي عجز عن تقديمها في الميدان خلال الأشهر العشرة الماضية. وفي مواجهة ذلك فإن أحوج ما يسعى إليه رئيس وزراء العدو هو صورة نصرً -حتى ولو كان رمزيًا- تعيد اليه بعض ماء وجهه الغارق في رمال غزة!

حتى احتماليات توسع الحرب يبدو أن نتنياهو لا مشكلة لديه فيها، فهو لديه ضمانات أميركية بأن الحرب لن تتوسع أو أنه في حال خرجت عن السيطرة فالأميركي جاهز لتقديم هذا الغطاء له. وأمهر ما  يُجيده التلاعب بالسياسة الأميركية، ولا مثال على ذلك أقرب من خطابه في الكونغرس منذ أيام، الذي حشد خلاله كبار رجال واشنطن في لوحة سياسية لمباركة الإبادة الدموية.

لكن المفارقة أن الحال ليس كذلك بالنسبة له في "إسرائيل"، ففي أعقاب عودته، استُقبل نتنياهو باحتجاجات شديدة يومي 29 و30 يوليو/تموز الماضي بعدما اقتحم متظاهرون محسوبون على اليمين المتطرف قاعدتين عسكريتين، بما في ذلك معتقل سدي تيمان، ردًا على اعتقال عدة جنود "إسرائيليين" متهمين بتعذيب أسير فلسطيني بطرق غير آدمية.

وشهدت المنطقة مجموعة من العمليات المتتالية التي شكّلت حلقات متسلسلة في استهداف قادة وكوادر تنظيمات المقاومة الفلسطينية، إضافةً لقادة حزب الله اللبناني وعناصر عسكرية واستخبارية إيرانية في سوريا.  فلم تقتصر هذه الاغتيالات على القيادات الميدانية داخل غزة والضفة الغربية، بل تجاوزتها لتشمل شخصيات سياسية وعسكرية في الخارج، أحدثها عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، اسماعيل هنية، إضافة إلى قيادات في حزب الله وفيلق القدس. فتحت عودتها  الباب أمام محاولة التعرف على استراتيجية الاغتيالات ومدى اعتماد الاحتلال عليها لتحقيق "مزاعم الأمن". لربّما تمكن حكومته من خلالها تقديم لشعبها نصرًا صوريًا وسط سيل من الفشل، ليرمّم فيه بعضًا من شتات ردعه المتآكل، وينقل المعركة، ولو جزئيا، إلى الساحة الإقليمية الأوسع بعيدًا عن مستنقع الهزيمة في غزة الذي تغرق فيه حتى أذنيها.

ويشير تقييم آثار استراتيجية الاغتيال الى هشاشة الفعالية، فعند تفحّص نهج الاغتيالات الإسرائيلية، يتبين أنه يعطي الأولوية للاعتبارات التكتيكية، بينما غالبًا ما تكون له آثار استراتيجية سلبية على الاحتلال. يوضح ذلك الصحفي "الإسرائيلي" رونين بيرغمان في كتابه الموسوعي "قم واقتل أولاً: التاريخ السري للاغتيالات الإسرائيلية المستهدفة"، يقول بيرغمان: أن سياسة الاغتيالات قد نجحت في إزالة تهديدات مباشرة محددة، لكنها فشلت في إيجاد حل طويل الأمد لمعضلة "الأمن الإسرائيلي"، مما يثبت أنها ليست بديلاً عمليًا للمفاوضات والتسوية. وتشير العمليات إلى أن صناع القرار لدى الاحتلال يميلون إلى التفكير في المكاسب الآنية قصيرة المدى التي تحققها الاغتيالات دون النظر إلى السياق الإستراتيجي الأوسع ودروس التاريخ.

هذا ما أكده بيان حركتي الجهاد الإسلامي وحماس بقولهما إن "اغتيال قادة المقاومة لن يفتّ من عضدها". وهذا ما شهدته التجارب، والتي أدّت بتوجهها إلى تحويل القيادات المغتالة لرموز للنضال، وذلك بفضل عدالة القضية ووجود حاضنة شعبية للمقاومة، مما يسهم في تجديد الدماء وعنفوان المقاومة باستمرار. ويعترف بذلك المراسل العسكري "الإسرائيلي"، ألون بن ديفيد، في مقالة له في صحيفة معاريف، حيث يؤكد أن سياسة الاغتيالات "لا تؤدي إلى إنهاء ظاهرة قيادات المقاومة والنشطاء الفلسطينيين، بل إلى استبدال آخرين بهم"، وأنها قد تقود إلى نتائج عكسية وإلى "تغذية دوامة الدم والعنف وتوسيعه"، بحسب تعبيره.

هناك أمر تتفق عليه كل الأطراف في الوقت الراهن وهو أن "إسرائيل" فشلت وهُزمت، والسبب الرئيسي في ذلك هو نتنياهو. ويؤشر اللجوء إلى عمليات الاغتيال الى ضعف رصيد منجزات الكيان في الحرب العسكرية وعجزه عن ردم الهشاشة التي كشفها طوفان الأقصى، وانكشاف دوره الوظيفي في المنطقة.

لذا، يسعى الكيان إلى مراكمة النقاط بكل الوسائل المتاحة مستفيداً من القدرات التكنولوجية المتقدّمة والدعم الأمريكي غير المسبوق. كما تستمر الحقائق الصلبة على الأرض في فرض نفسها، وهي أن "إسرائيل" لم تنتصر في هذه الحرب، وأن اغتيال هنية وشكر، أو أي قائد آخر لن يكون كافيًا لتغيير المعادلات وانقلاب المشهد!. 

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/207525

اقرأ أيضا