/مقالات/ عرض الخبر

مجزرة مجدل شمس وما بعدها.. طمسٌ لسرديّة المحتلّ!

2024/08/01 الساعة 12:29 م

هبة دهيني – وكالة القدس للأنباء

لا يقتصرُ العدوّ الإسرائيليّ في حربه المُعلنةِ اليوم، على أسلحته المادّيّة وقدراته اللوجستيّة، بل ويُشغل أبواقًا إعلامية تنقلُ شائعاته بلغةٍ عبريّةٍ خشنة، حتّى تظهر حماقة "تل أبيب" في سرديّة كاذبةٍ اخترعها "نتن ياهو" يومًا، على قنواتٍ "عربيّةٍ" تُظهر تملُّقًا أمام جرائم المحتلّ، كان آخرها محاولةَ واهية لإغراق سكّان بلدة مجدل شمس في الجولان العربي السوري المُحتلّ، في بركةِ فتنةٍ وقعَت "إسرائيل" فيها.

تتالَت أخبار المجزرة في مجدل شمس إثر وقوع الحادثة، والّتي بدت فيها الحقيقة واضحةً بدون شجب، عملٌ مُبرمج من قبل العدوّ "الإسرائيلي"، بصواريخ قبّته الحديديّة التي قتل من خلالها 12 مواطنًا سوريًّا في البلدة وأصاب عشرات آخرين.

مجدل شمس هذه الّتي تمسّكت منذ النّكسة عام 1967 بعروبتها وسوريّتها ورفَضت الهُويّة "الإسرائيليّة" ومشاريع العدوّ المُمنهجة على مدى سنين طوال، لم ينجح العدوّ اليوم، كما لم ينجح من قبل، في إشعال الفتنة عند دروز مجدل شمس، أولئك المتجذّرين في بلادهم، والمعترفينَ بهُويّةٍ سوريّةٍ واحدة، طردوا "نتن ياهو" الّذي جاء ليرقص على جثامين أطفالهم، بعدما أشعل حمّام دم فلسطينيّ لعشرات آلاف الأطفال الشّهداء، فرفعوا اللافتات بأيديهم، وندّدوا بأصواتهم، وبقلوبهم أكّدوا وحدة الدم والمصير مع غزّة وشعبها، إذ لا للعدوّ وحكومته المزعومة، ولا للعيشِ تحتَ براثن "قواعد" الاحتلال.

ليس سهلًا أن تعيش تحت "سلطةٍ" يفرضها المحتلّ عليك، ستكون أيّامك كلّها مقاومة، هذا إن بقيتَ متمسّكًا بنخوةِ الانتماء ولم تَبِع بلادكَ في أسواق العمالة. حينَ قَضمَ المحتلّ بأنيابه الجولان من سورية، ظنَّ بأنّ مشروعَ "صهيَنَةِ" سوريّي الجولان سهلٌ ومُخطّطُ لحدوثه، والمشكلة هنا أنّ العدوّ لا يدرك معنى "البلاد"، لأنّ كيانهُ أصلًا بُنِيَ على أنقاض قُرانا ومنازلنا، وعلى جثامين شهدائنا، هذا الكيان الهشّ لا يعرف معنى التمسك بالأرض ولو غيّروا كلّ ما عليها، ولم يصل بعدُ لمفهومِ الانتماء الّذي نشعر به نحن "الشّاميّون"، الّذين وُلدنا في بلاد الشّام منكرينَ لوعد بلفور وسايكس-بيكو وما والاهُما، نحن الّذين تربّينا على أنّ الجولان هضبة صخرية عربية سوريّة تبعد عن العاصمة دمشق 60 كيلومترًا، وضعها العدوّ نصب عينيهِ طمعًا بخيراتها، تطلّ على الجليل المُحتَلّ، وتسلّم براحتَيها على جنوب لبنان.

لن يدركَ المحتلّ، كما لم يدرك من قبل، أنّ البلادَ في عُهدة أبنائها، وأنّ الأبواق في "إعلامه" مترامي الأطراف، صداها خافتٌ أمامَ صوت الحقّ في وطنيّةِ بلاد شامِنا، وأنّ سياسة اغتيالاته ونفاقه واعتماد سرديّته الكاذبة ومحاولة تضليل الرّأي العام، كلّ هذا وأكثر، لن يثني من عزم مقاومتنا، ولن يَمَسَّ وطنيّةَ أبناء شعبنا، من سورية حتّى فلسطين ولبنان، إلى العراق واليمن والأيادي الباسلة، إلى كلّ من أدركَ معنى أن يموت المرء في سبيل الله على خطى أرضٍ مقدّسة، إلى من استُشهد على طريق فلسطينَ وإلى من تمسّكَ بجذور انتمائه على الرّغم من أنَف الاحتلال، إلى هؤلاء، البلادُ تحفظ أسماءكم وتخطّ بأحرفُها عنوان التّحرير، حتّى تطلعَ "شمس" الحرية، من "مجدلِ" قُرانا المُقاوِمة.

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/207408

اقرأ أيضا