/مقالات/ عرض الخبر

السفير الأمريكي السابق: "إسرائيل" عاجزة عن الدفاع عن نفسها.. ولن تحتمل ولو “صورة هزيمة”

2024/07/18 الساعة 08:55 ص

وكالة القدس للأنباء - متابعة

المبدأ الأساسي في نظرية "إسرائيل" بشأن الدفاع الوطني، هو القدرة على الدفاع عن نفسها بقوتها الذاتية، دون تحفظات. حسب مارتن اينديك، السفير الأمريكي السابق في "إسرائيل"، فإن استعداد حاملات الطائرات الأمريكية في البحر المتوسط وفي البحر الأحمر، يثبت أن "إسرائيل" غير قادرة على ذلك. هذا استنتاج متسرع، لأن الحديث يدور في كل الحالات عن دفاع للخط الثاني، ولا تناقض بين المبدأ الأساسي وبين التعاون الشامل مع الولايات المتحدة.

المساعدات الأمنية الأمريكية تبلغ 16 في المئة من ميزانية الدفاع، و2 في المئة من الميزانية الكلية "لإسرائيل"، وهي تشمل أيضاً قدرة "إسرائيل" على الوصول إلى المنظومة الأمنية الأمريكية. "إسرائيل" ستحتاج السلاح من الخارج، لا سيما من الولايات المتحدة، ولا شيك مفتوحاً بهذا الشأن. في الحقيقة، المساعدات الأمنية متضمنة في قرارات الكونغرس، وهي تخدم أيضاً مصالح أمريكية، لكنها غير منفصلة عن الاعتبارات السياسية أو عن المصالح السياسية الأمريكية الداخلية.

المصالح الأمريكية تتعارض أحياناً مع مصالح "إسرائيل". في السابق، وجد في الولايات المتحدة معارضون للعلاقات الأمنية مع "إسرائيل" بسبب النفط العربي، والخوف من اضطرار أمريكا إلى المحاربة من أجل "إسرائيل". هذه التخوفات تلاشت بعد حرب الأيام الستة، التي مهدت الطريق للتعاون العسكري. منذ ذلك الحين، زادت المساعدات الإجمالية وبلغت 3 مليار دولار في السنة، 1.8 مليار دولار للمساعدات العسكرية و1.2 مليار للمساعدات المدنية.

لكن السياسيين الأمريكيين وجدوا صعوبة في تبرير المساعدات المدنية لناخبيهم الذين يواجهون صعوبات اقتصادية. والاقتصاد "الإسرائيلي" كان أقل حيوية له من المساعدات الأمنية، التي اعتبرت مبررة حتى من ناحية المصالح الأمريكية. في العام 1996 أحدث نتنياهو ثورة، وأعلن بأن كل المساعدات ستخصص للأمن. وتم الاتفاق أيضاً على أن المساعدات الأمنية ستعتبر منحة وليس قرضاً. ومنذ العام 2008 ثمة تعهد خطي من الولايات المتحدة بأن يكون "لإسرائيل" تفوق عسكري “بالسلاح".

تظهر بين حين والآخر فكرة بلورة اتفاق دفاع بين "إسرائيل" والولايات المتحدة. ولكن من ينتقدون هذا الأمر يعتبرونه وبحق مساً محتملاً بحرية عمل "إسرائيل" عسكرياً. مع ذلك، ليس تفسير ذلك استبعاد تحالفات عسكرية إقليمية أو واسعة أكثر. اعتبار "إسرائيل" “حاملة طائرات أمريكية” كان في الواقع مبالغاً فيه. ولكن لكونها الدولة الديمقراطية والمستقرة الوحيدة في الشرق الأوسط، إضافة إلى قدرتها التكنولوجية والعلمية والعسكرية، زادت أهميتها في نظر الأمريكيين. قدرة الجيش "الإسرائيلي" على العمل في الحرب الحالية ستعزز هذا التقدير.

نظرية الأمن "الإسرائيلية"، التي وضعت في عهد بن غوريون، تستند إلى الردع، والدفاع، والإنذار، والحسم ونقل الحرب إلى أرض العدو. الردع "الإسرائيلي" فقد الكثير من قوته في 7 أكتوبر، وحتى قبل ذلك، بسبب امتناع "إسرائيل" عن العمل بكل قوة ضد الهجمات الإرهابية والاعتماد على التسهيلات الاقتصادية. “الدفاع” يعني أن حدود الدولة ستكون محمية على يد عوامل مادية، مثل المستوطنات المدنية وكل أنواع العوائق، وعن طريق الجيش "الإسرائيلي".

وثيقة “18 نقطة” التي صاغها بن غوريون في 1953 سعت لجسر فجوة التدني في العدد عن طريق تفضيل عمليات الردع والإحباط، استناداً إلى الإدراك بأن "إسرائيل" غير مستعدة لحروب طويلة. رغم الأهمية التي أعطيت للدفاع فقد نصت الوثيقة على أن "إسرائيل" لا يجب أن ترتدع عن المبادرة بعمليات، والافتراض الأساسي أنه يحظر عليها الخسارة، لأن الخسارة أو حتى صورة الخاسرة، قد تؤدي إلى تدميرها. وماذا بخصوص السلام؟ “السلام ليس هدفاً، والحرب ليست هدفاً، الهدف هو تجسيد الصهيونية”، قال بن غوريون.

الرؤية التي صاغها بن غوريون لم تصمد في امتحان 7 أكتوبر لا لعدم صحتها، بل لأن القيادة والجيش لم ينفذاها. فبلدات الغلاف لم تكن العائق أمام العدوان، بل أصبحت هدفاً مريحاً؛ والعقبات المادية تم تجاوزها بشكل مدهش (هذا حدث في السابق في خط بارليف)؛ وقوات الجيش لم تكن مستعدة ولم تكن في المكان الصحيح، وواضح أيضاً أنه لم يكن هناك أي “إنذار”. كما يبدو هذا كان الفشل الأساسي في 7 أكتوبر.

مادة الحسم أكثر تعقيداً. ففي ظروف "إسرائيل"، الحسم مؤقت في ساحة الحرب المحتملة، كما تم التوضيح في الحروب السابقة، لكن لا يمكنها منع زيادة القوة وهجوم جديد للعدو، أو التوصل إلى سلام قابل للحياة في ظل غياب ظروف سياسية ودولية أخرى. "إسرائيل" وبحق تحظى بتفوق عسكري واضح أمام الأعداء، لكن مثلما تعلمنا أحداث 7 أكتوبر والوضع الحالي أمام حزب الله، فهذا الأمر لا ينعكس دائماً في إنجازات مطلقة في المعركة.

مركز ثقل "إسرائيل" الأمني انتقل من العالم العربي إلى إيران. وبالنسبة للولايات المتحدة، تعتبر إيران تهديداً للأمن القومي، ولكنه تهديد مباشر وأخطر، ويقتضي تعاملاً دبلوماسياً وأمنياً. ومثلما ثبت في الهجوم الجوي الإيراني في نيسان الماضي، فإن التعاون العسكري والسياسي مع أمريكا كان له دور مهم في إحباط نوايا طهران، ليس فقط في الهجوم نفسه، بل ربما أكثر من ذلك، في الفصول التي سبقته والتي بدونها لم تكن "إسرائيل" قادرة على تطوير وسائل الدفاع والهجوم التي لديها. بكلمات أخرى، مبدأ الدفاع عن النفس بالقوة الذاتية هو الخط الأول في أمننا، لكن التعاون مع الآخرين يكمله.

---------------

الكاتب: زلمان شوفال

المصدر: هآرتس

التاريخ: 17/7/2024

 

 

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/206966

اقرأ أيضا