هبة دهيني / وكالة القدس للأنباء
لم تخفُت حرب الإبادة الجماعية "الإسرائيلية" في قطاع غزّة منذ 9 أشهر متتالية، بدا فيها العدوّ صاغرًا يوزّع حقدَهُ أضعافًا كلّ يومٍ كمجازرَ وحشيّة تختبئ خلفها واشنطن، حتّى رسمَتِ المعركةُ ساحات فداءٍ في كلّ الجبهات المُناضلة، وكشَفَت وجوهًا تحت أقنعةٍ "عربيّة" لم نُدرك ملامحها "التّطبيعيّةَ" بهذا الوضوح من قبل، وانكسَرَ صَلَفُ المحتلّ أمام شروط المقاومة، فاغتسلَت البلادُ بدماء أبنائها بُغيةَ نصرٍ قريب.
منذُ بدء الحرب القائمة، لم تنقطعِ التّنسيقات بين كافّة أطراف محور المقاومة تُجاهَ الحرب المُمنهجة في القطاع، كان آخرها حتّى اللحظة، وفدٌ قياديّ من حركة المقاومة الإسلامية حماس في لقاء مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وحركة أنصار الله في اليمن والمقاومة الإسلامية في العراق وغيرها، لاستعراض آخر التطورات الميدانية والسياسية بما يحقّق أهدافًا منشودة، مع الثّناء على أنّ المجاهدين في كلّ الجبهات يحقّقونَ أروع انتصاراتٍ بدمائهم، والتّأكيد على أهمية التنسيق المستمرّ واستنفار طاقات الأمّة في هذه المعركة المفصليّة.
معركةٌ أدركها المحورُ المتكامل بمجاهِديه وقادَتِه، حتّى رسمَتِ المقاومةُ سبيلًا واضحًا للقتال، ظهر فيها المُحتلُّ بخَيبَتهِ وعدم قدرته على تحقيق هدَفَيهِ الأساسيّيَن "من ناحية سحق المقاومة واستعادة الأسرى، ومن ناحية فرض حكم بديل قائم على ترتيبات مع العدوّ نفسه"، فاستمرَّ النّضال على الجبهات كافّة، إذ خضَعَت الولايات المتّحدةُ لقرارات أنصار الله في البحرَين الأحمر والعربيّ، واستسلَمَت لما يخطُّهُ جنوب لبنان، ولما ترنو إليه المقاومة في العراق، ولَحِقَها العدوّ في مجازره المعتادة منذ بداية الطّوفان، بعدما جنَّدَ ماكينةً إعلاميّةً وظيفتها التبخيس بجبهات الإسناد، وبالمقاومة في فلسطين، وبما يجري في غزة من ملحمةٍ تاريخيّة، فجزءٌ كبيرٌ من حرب العدو الإعلامية والنفسية هي عدمُ الاعتراف بقتلاه وخسائره، بينما يحلّقُ هدهدُ الإعلام الحربيّ لينشر عمليّاته ويزفّ شهداءهُ بكلّ فخرٍ وعزّة.
إذًا، وبعد أشهرٍ تسعةٍ حَمَلَت بمولودٍ جديدٍ مخاضهُ قريب، إذ بالدّم يولدُ النّصرُ وبالمقاومةِ يُبصرُ التّحريرُ النّور، بعد هذه الأيّام كلّها، لا يزالُ هدهد المقاومةِ يطلّ صَوبَ حيفا وما بعدَها، ليؤكّد للعدوّ أنّ عين المقاومةِ تُبصرُ ما لا يبصرُه جنوده، وأنّ مصيرَ الكيانِ كسابقيهِ من مستعمرينَ وإحلاليّينَ وصَهاينة: زوالٌ برزَ بالأحمر القاني ما بعد 7 أكتوبر، حينَ أبصرَ العالمُ كلُّه، أن لا سبيلَ سوى المقاومة، ولا ولادةَ للتّحريرِ سوى بتسعة أشهر نضالٍ بل أكثر!