وكالة القدس للأنباء - ملاك الأموي
عبد الجليل الرازم (66 عاماً).. فنان مقدسي ولد وترعرع في حارات القدس العتيقة. ويعد واحداً من أعلام مدينة القدس في مجال الفن. حفظ الشوارع والطرقات والتفاصيل بدقة الواقع، وحمل هوية المدينة بأعماله التشكيلية المتنوعة.. لتصبح القدس حاضرة في حواسه بمعالمها التاريخية والأثرية، وبتكبيرات مآذن مساجدها.. وقرع أجراس كنائسها.. فهو قائد ريشته، يعرف أين تبحر بموضوعاتها... لوحاته قادرة على أن تحكي سراً بألوانها، إذ تشرق حرية وكبرياء، فهو صاحب لوحة "القدس بوابة السماء".
رسم أبواب القدس الماضي والحاضر، وامتلك مفاتيحها، ما إن مررت عن عمل فني للفنان الرازم، حتى وجدت روح القدس حاضرة هناك... له بصمات على جدران المدينة بأكملها، في المدارس، في الشوارع، في المنتديات، والمؤسسات، وكذا المعارض التي أقامها وشارك فيها سواء على الصعيد المحلي أم العالمي، وهو معلم رائد في مسيرة الفن التشكيلي، خطاط، رسام، نحات، خزاف وموسيقي منذ أكثر من خمسين عاماً، خرَّج العديد من أجيال الفنانين الحاضرين على الساحة الفنية الآن... له أنامل ذهبية تعزف على أوتار الحياة أجمل ألحان الصمود.
وفي هذا السياق، تحدث الرازم لـ"وكالة القدس للأنباء"، عن أعماله الفنية، قائلاً: إنها "مستمدة من واقع وآلام وطموحات شعبي ومن بيئتي، فتارة أصور في أعمالي واقع الحياة في مدينة القدس، ودور المرأة والمعاناة التي تعانيها في التضحية من أجل كسب قوتها، وتارة أخرى، أجسد مدينة القدس بمعالمها الدينية والتاريخية، وقمت ببناء أحد عشر مجسماً لها بمعرض (حجر لوجيا) وكأنها مبنية، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على حبي لهذه المدينة المقدسة، فأنا أرى في كل حجر من حجارتها لوحة وسيمفونية أقوم بدوري عازفاً إحدى مقطوعاته".
العلاقة بعراقة الفن الإسلامي
وفي أعمال أخرى، يتغنى بأمجاد وعراقة الفن الإسلامي، من خلال استخدام الخط العربي بأنواعه وأشكال صوره المتعددة، ليظهر لنا عراقة وأصالة هذا الفن من خلال "سورة الإسراء" وربطها بمدينة القدس، باستخدام الخط الكوفي المورق مستخدماً الخط العربي كعنصر جمالي إضافي للوحة الفنية.
وبالنسبة للأدوات والمواد التي يستخدمها فهي متعددة منها الألوان الزيتية والمائية الشفافة والأكريليك، بالإضافة إلى ورق الجدران، فتارة يتعامل مع الألوان وتارة مع المعادن وتارة مع الفلين (الكلكل). كما يقوم بإعادة تدوير المواد وتطويعها لتكون زينة في شهر رمضان، فالفكرة تبلورت لديه عندما وجد نفسه يستطيع أن يضفي على زينة رمضان اللمسة الفنية، من خلال عمل ثريات من مخلفات البيئة، باستخدام وتطويع المواد البلاستيكية، كالكاسات والعبوات الفارغة للاستفادة منها بحيث لا تكون عبئاً على البيئة من خلال حرقها لتلوث الجو، وتسبب الأمراض أو حتى دفنها في التربة، وتلوث المياه الجوفية، ومن هنا كانت الفكرة وهي بمثابة رسالة للناس ليتعلموا كيفية المحافظة على البيئة".
أما عن المعارض الفنية، فقد شارك في العديد من المعارض الجماعية في مدينة القدس وفلسطين وخارجها في الأردن وتركيا وبعض دول الخليج، وآخرها كان معرض "ربيع القدس للفن التشكيلي" الأول والثاني والثالث والرابع وقد تجول في العديد من المدن الفلسطينية الذي انطلقت إقامته وفكرته في (مركز الحياة للثقافة والفنون).
آخر أعمالي لوحة "انتظار العودة"
وبمناسبة انتقاله إلى "مؤسسة نادي القدس- الدائرة الفنية" كعضو في الهيئة الإدارية، قال: "إني أرى أن فني قريب لكل فئات المجتمع، والجميع يتحدث عنه دون مجاملة لشخصي، فالكثير منهم لا أعرفهم، ولكن هم يعرفونني من خلال فني وأعمالي الفنية التي أعرضها إن كان من خلال المعارض الفنية أو من خلال صفحة التواصل الاجتماعي ( فيسبوك)، مضيفاً: "أما عن الحلم الذي أعمل على تحقيقه، فإني لازلت أحلم بأن أحقق الكثير من الأحلام والطموحات، ولا أعتبر نفسي بأنني حققت حلمي لغاية الآن، الكمال لله وحده، فليس هناك فنان وصل إلى حد الكمال، فالإنسان يعمل ويجتهد قدر المستطاع، ويبقى عاجزاً عن الوصول إلى الكمال".
وأشار إلى أن "آخر اعمالي الفنية التي قمت بتنفيذها، هي لوحة بعنوان (انتظار العودة) والتي صادف انجازها ذكرى مرور 76 عاماً على النكبة، وفي مهرجان عكا الثاني للفنون التشكيلية، فقد قمت بتنفيذ لوحة بعنوان (من القدس إلى عكا) وهي آخر أعمالي ولوحاتي الفنية. موضحاً أنه "من أجل الحفاظ على هويتنا وتراثنا، من واجب كل فنان تشكيلي أن يصور ويوثق في عمله الفني ولوحته تراث وحضارة شعبه، وهذه رسالة الفنان التي يجب ان تكون وليس غير ذلك.
طموح بلا حدود
ينتمي الرازم إلى المدرسة الواقعية، وأحياناً التجريدية، وأحياناً أخرى السريالية، من مواليد القدس عام 1958، أنهى دراسته التعليمية بمراحلها في مدينة القدس، وبعدها سافر إلى الأردن لإكمال دراسته الجامعية، فالتحق بمعهد الفنون الجميلة بعمان، وتخرج عام 1981 حاصلاً على شهادة الدبلوم في الفنون، وبعدها عاد إلى مسقط رأسه القدس، ليعمل فيها مدرساً للفنون التشكيلية والخط العربي، في "مركز بيلي للفنون" وفي مدرسة "شعفاط الإعدادية للبنات"، وفي العديد من المؤسسات والأندية والمراكز في مدينة القدس .
يشار إلى أنه عضو في "رابطة الفنانين التشكيليين الفلسطينيين في القدس"، ويعمل عضوا في مجلس إدارة "نادي القدس من العام 1994- 2024" وعضو مؤسس لـ"جمعية أبواب القدس للفن والتراث".