قائمة الموقع

رغم المؤشرات الإيجابية.. المصالحة تتأرجح !!

2012-12-17T09:17:16+02:00

يبدو أنّ إنجاز المصالحة الفلسطينية التي طال انتظارها بات بين "قاب قوسين أو أدنى"، بعد انتصار المقاومة في معركة "السماء الزرقاء"، وبعد الانتصار السياسي في الأمم المتحدة - كما رآه البعض - وما تبع ذلك من خطوات عملية تمثلت بإطلاق سراح بعض المعتقلين السياسيين والسماح لآخرين بالعودة هنا، وإتاحة الفرصة لتنظيم مهرجانات احتفالية هناك.
محللون سياسيون عبروا لـ"الاستقلال" عن تفاؤلهم الحذر من إمكانية تحقيق المصالحة الفلسطينية، مؤكدين أن كرة "المصالحة" باتت اليوم بين أقدام القادة السياسيين، الذين تقع عليهم مسئولية إغلاق هذا الملف الأسود في تاريخ القضية الفلسطينية.
ويشكل استمرار الانقسام الداخلي الفلسطيني لفترة طويلة تهديدا استراتيجيا بعيد المدى يكمن في الخطوات الإدارية والاقتصادية والأمنية التي تتخذها السلطتان القائمتان في الضفة الغربية وقطاع غزة، لكي تتمكنا من إحكام السيطرة على المناطق الخاضعة لكل منهما، وتقديم الخدمات لجمهوريهما، بدون تنسيق بينهما، أو التزام بالوحدة السياسية والقانونية للمنطقتين.
وأجمع المحللون على حاجة الشعب الفلسطيني إلى وحدة وطنية فلسطينية تجمعهم ضمن إطار ميثاقي أو دستوري واحد يلتزم به الجميع أفراداً وجماعات، ويقيم وحدة ثقافية ونضالية واحدة من شأنها أن تؤدي إلى نتيجة واحدة وهي استعادة الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، مشددين على ضرورة إعادة بناء وترميم منظمة التحرير الفلسطينية كي تستعيد دورها البنّاء في خدمة القضية الفلسطينية، إلا أنهم يروا في  المحادثات التي تجري بين ( الحمساويين والفتحاويين) ما زالت ضمن رؤية فئوية ضيقة لا تأخذ أبعادا إستراتيجية تخدم هذا الهدف.
بناء المنظمة يحقق المصالحة
وأكد المحلل السياسي رائد نعيرات، أن المصالحة التي تدوم هي التي تبدأ من إعادة بناء وترميم منظمة التحرير الفلسطينية على أساس مشاركة الجميع بلا استثناء، جازماً أن الحديث عن مصالحة حول السلطة الفلسطينية سيقود إلى إشكاليات عديدة تعيق تحقيق المصالحة.
ويعتقد نعيرات أننا "أقرب إلى تحقيق المصالحة من أي وقت مضى"، لكنه يرى أنها بحاجة الى برامج و أدوات لأجل تحقيقها على الأرض كي تعيشها القوى السياسية والأجيال في المجتمع  لسنوات طويلة.
وقال نعيرات لـ "الاستقلال":  كنا نشهد في المرات السابقة لقاءات بين مسئولين من كلا الطرفين لكن دون خطوات على أرض الواقع، لكن هذه المرة نشهد خطوات اتخذت على أرض الواقع، لكن على مستوى المسئولين لا توجد لقاءات ولا حوارات ولا حديث عن قرب تحقيق المصالحة".
وتابع حديثه: انحن نقف حائرين أمام قضيتين، الأولى أنه كلما اقتربنا من المصالحة نشعر أنّ الجماهير غير متفائلة، والقضية الثانية، على الرغم من أن هناك خطوات قد اتخذت على أرض الواقع نلاحظ أنه لم تتخذ حتى اللحظة خطوات عملية لدى الجهات العليا"، مؤكداً أن الغموض يلف طبيعة شكل المصالحة القادمة.
أما عن تصوره لطبيعة المصالحة القادمة؟ فيعتقد نعيرات أن المصالحة بحاجة إلى تعريف آخر جديد غير الذي كنّا نتخيله في الماضي، قائلاً : باعتقادي أن المصالحة التي يمكن ان تعيش هي المصالحة التي تبقي على الأمن في الضفة، والأمن في القطاع كما هو بحيث أن تكون شراكة في العمل المدني".
مؤشرات بحاجة لخطوات
بينما رأى المحلل السياسي، مصطفى الصواف  أن ما يجري على الأرض يعطي مؤشرات بإمكانية البدء بإجراء المصالحة الفلسطينية ـ الفلسطينية إذا توفرت الإرادات وخلصت النوايا  وسقطت كل الرهانات على غير الشعب الفلسطيني"، مؤكداً أن الدخول إلى المصالحة يكون من بوابة اتفاقي القاهرة والدوحة.
وقال الصواف لـ "الاستقلال": المطلوب خطوات على أرض الواقع أكثر مما هي عليه الآن، فما يجري خطوات إعلامية تبشر بإمكانية الدخول للمصالحة"، مؤكداً على ضرورة  إشاعة الحريات وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وفتح أبواب المؤسسات المغلقة، والسماح بممارسة الحياة السياسية على شكلها الطبيعي، وإلا تبقى المصالحة كلاما عبر وسائل الإعلام وتظاهرات إعلامية لا تسمن ولا تغني من جوع- على حد وصفه.
وأضاف: المصالحة لا تتحقق بالسماح هنا والسماح هناك، بل هي بحاجة إلى جهد كبير ومنطلقات فلسطينية حقيقية بحاجة إلى قاعدة ترتكز عليها.. المسألة ليست مجاملات وتصريحات"، مشدداً على أهمية البدء بإعادة ترميم وبناء منظمة التحرير الفلسطينية التي تم تعطيلها بأمر من الرئيس محمود عباس في السابق، على حد تعبيره.
تفاؤل حذر
في حين ذلك، عبر المحلل السياسي أكرم عطا الله عن تفاؤله من إمكانية تحقيق المصالحة، مؤكداً أن الظرف العام مهيأ أكثر من أي وقت مضى.
وقال عطا الله لـ "الاستقلال" : هناك ظروف سيادية فلسطينية ساعدت على توفير المناخ والبيئة المناسبة لتحقيق المصالحة، لكن تفاؤلي لا ينفصل عن التجربة المريرة التي مررنا بها".
وتابع حديثه: إنجازات هائلة حققتها المقاومة في معركة السماء الزرقاء، والدبلوماسية الفلسطينية حققت أيضاً إنجازا كبيرا ،هذه الإنجازات تجعل طرفي الانقسام أكثر ثقة وتدفعهما لتقديم تنازلات لتحقيق المصالحة".
ويعتقد المحلل السياسي أن أزمة الانتخابات قبل أو بعد المصالحة ليست بالكبيرة، وإذا توفرت نوايا المصالحة يمكن تجاوزها، مشيراً إلى إمكانية البدء بملفات الحكومة والانتخابات والمصالحة في آن واحد دون أن يكون هناك عقبات.
لا يزال الحلم بعيدا
أما المحلل السياسي، إبراهيم أبراش، فعبّر عن عدم تفاؤله، قائلاً:" لو فيها غيم كان مطّرت"، مستبعداً إمكانية تحقيق المصالحة حتى في ظل ما يجري في من حديث عن تسهيلات هنا وأخرى هناك، لامتصاص نقمة  الشارع الفلسطيني الذي وحده الانتصار الكبير الذي حققته المقاومة والدبلوماسية".


الاستقلال/ محمد نجيب

اخبار ذات صلة