/تقارير وتحقيقات/ عرض الخبر

مقابلة مع الناشطين: ابراهيم برشلي وأنيتا ريسيو

تقرير صحيفة هولندية: مقاطعة المنتوجات "الإسرائيلية" تتوسع في العالم.. ونشطاء يسعون لتوفير البدائل

2024/04/19 الساعة 09:14 ص

أمستردام - خاص

شكل الحدث الفلسطيني الأبرز، الذي هزَّ الكيان الصهيوني، وأرهب داعميه على مصير ربيبتهم، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، العام الماضي، منعطفاً تاريخياً كبيراً في مجرى الصراع بين الشعب الفلسطيني ومن معه من أحرار العالم، وبين الكيان الصهيوني الغاصب، ومن يدعمه من أعتى الدول الاستعمارية، والدائرين بفلكهم.

وشهد العالم بكل قاراته، تحركات شعبية عارمة قل نظيرها، دعماً للشعب الفلسطيني، في كفاحه المشروع، وتنديداً بالعدو "الإسرائيلي" مغتصب الأرض الفلسطينية والحقوق، وحربه الكونية المجرمة ضد قطاع غزة، ولا سيما الأطفال والنساء والشيوخ.. وتعززت معها حركات "مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات".

وقد انعكست التحركات الشعبية المليونية التي غطت عواصم دول العالم أجمع ومدنها الكبرى، بمختلف وسائل الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي، ومن بينها الصحيفة الهولندية الذائعة الصيت "دي فولكسكرانت " (De Volkskrant) التي أفردت صفحات عدة للحديث عن تطور حركة المقاطعة (BDS) في هولندا، واتساع انتشارها، بالتزامن مع الحرب الكونية "الإسرائيلية الأمريكية الغربية" التي أدت لارتقاء وجرح نحو مائة الف مواطن غزي جلهم من الاطفال والنساء والشيوخ، وتهجير أكثر من مليون ونصف غزي، وتدمير أكثر من 80% من بيوت وأبنية القطاع، بما فيها من مستشقيات ومراكز صحية وجامعات ومدارس ودور عبادة إسلامية ومسيحية.. كما أجرت الصحيفة مقابلة مع الناشط ابراهيم برشلي، وهو فلسطيني هولندي، مهاجر من لبنان، ويدير مؤسسة "التجارة العادلة – فلسطين" على الانترنت مع زوجته الناشطة الهولندية المعلمة انيتا ريسيو.

ابراهيم 2
منتج يموِّل "الإبادة الجماعية"!..

قالت الصحيفة: لطالما كانت التمور هدفًا لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS)، التي أسسها نشطاء فلسطينيون قبل عشرين عامًا تقريبًا. وتدعو المستهلكين إلى مقاطعة المنتجات "الإسرائيلية"، وتضغط على المؤسسات المالية لسحب أموالها من "إسرائيل"، وتدعو إلى فرض عقوبات على "إسرائيل" بسبب انتهاكها للقانون الدولي.

وهذه الفكرة مستوحاة من الحركة المناهضة للفصل العنصري في جنوب أفريقيا.. فالنشطاء يروجون لمقاطعة "إسرائيل" ومنتجاتها، كوسيلة غير عنيفة لدعم النضال من أجل الحرية الفلسطينية.

فأي شخص يدخل "السوبر ماركت" في امستردام وغيرها من المدن الهولندية، يأخذ علبة "تمر المجهول" (الإسرائيلية) من على الرف، يجد عليها ملصقاً كتب عليه: "هذا المنتج يموِّل الإبادة الجماعية". هذه الملصقات، يضعها الناشطون، أمثال ابراهيم وانيتا ورفقائهم، في جميع أنحاء البلاد على المنتجات "الإسرائيلية" مع العبارة التالية: "نصيحة عاجلة: قاطعوا إسرائيل".

وقد تشعبت الحركة الآن في جميع أنحاء العالم، بدعم من المنظمات الطلابية والنقابات العمالية ومنظمات حقوق الإنسان والمنظمات اليهودية التي لا تتفق مع الأفكار الصهيونية. يقول عمر البرغوثي، أحد مؤسسي حركة المقاطعة: "الدعم في الغرب يتزايد". "خاصة بين الشباب." ولا سيما بعد الحرب الكونية المجرمة على غزة!..

ولا تستهدف حركة المقاطعة (BDS) المنتجات القادمة من "إسرائيل" فحسب، بل يتم استهداف الجامعات والمؤسسات الثقافية والمالية أيضًا، وكذلك الشركات التي تستثمر أو تمارس أعمالًا تجارية في "إسرائيل". وتحصد بانتظام النجاحات.

على سبيل المثال، أعلنت العلامة التجارية الرياضية الألمانية بوما، التي كانت هدفاً لحملة المقاطعة لسنوات، في ديسمبر/كانون الأول أنها ستتوقف عن رعاية الاتحاد "الإسرائيلي" لكرة القدم. وانسحبت شركة "إيتوتشو"، إحدى أكبر الشركات الاستثمارية في اليابان، الشهر الماضي من شركة الأسلحة "الإسرائيلية" "إلبيت"، وهي هدف آخر لحركة المقاطعة.

كما تم متابعة صناديق التقاعد في النرويج ونيوزيلندا وهولندا، من بين دول أخرى، من قبل نشطاء حركة المقاطعة وحذفوا جزءًا من محفظتهم "الإسرائيلية" في السنوات الأخيرة. وأنهت أكبر شركة أمنية في العالم، G4S البريطانية، جميع عقودها مع "إسرائيل" في العام 2016.

إن مقاطعة التمور لها تأثير اقتصادي ضئيل مقارنة بالملايين التي تستثمرها صناديق التقاعد، والتي أوقفت العديد منها اتفاقات التعاون مع المؤسسات "الإسرائيلية".

الصورة رقم 2
مشروع "التجارة العادلة"

بموازاة كل تلك الاعمال التي يقوم بها نشطاء حركة المقاطعة، فإن الناشط الفلسطيني الهولندي ابراهيم برشلي، 56 عاما (المهاجر من لبنان) – كما يسميه كاتب التقرير – لم يكتف بتلك الحركة المعتادة، داخل أسوار السوبرماركات وخارجها، بل عمل مع زوجته الناشطة الهولندية آنيتا ريسيو، وهي معلمة، قبل عام ونصف، على إيجاد البدائل عن المنتجات "الإسرائيلية"، من خلال إنشاء "متجر التجارة العادلة - فلسطين" على الانترنت..

ويضيف ابراهيم: لقد شعرنا بالحاجة لمثل هذا المشروع، الذي يهدف لتقديم البديل المناسب عن البضائع والمنتوجات "الإسرائيلية"، التي تغزو الأسواق والسوبرماكات، ويضيف البرشلي، "لقد زادت مبيعاتنا عشرة أضعاف منذ 7 أكتوبر"، رغم أنهم يتخذون من منزلهم منطلقاً ومركزاً لعملهم.. في الصالة، خلف الأريكة، على طاولة المطبخ؛ منزلهم بأكمله مليء بالصناديق، التي تحتوي على البضائع والمنتجات الفلسطينية. ومنها: الصابون والطحينة والزعتر وزيت الزيتون، إضافة للكوفيات والشالات الفلسطينية.

وتشرح ريسيو قائلة: "نحن نعمل مع التعاونيات المحلية". "كل شيء يأتي من الضفة الغربية."

وخلال شهر رمضان، استوردنا كميات من التمور، موضبة بعبوات رمضانية خاصة مكتوب عليها: "رمضان مبارك" بأحرف ذهبية أنيقة..

تقول ريسيو: "لكن ليس المسلمين وحدهم هم الذين يشترون منا". "لدينا جمهور مختلط للغاية." أومأ زوجها. وقال: "إن الحرب في غزة هي لحظة وعي، فالجميع يرى الآن ما تفعله "إسرائيل" في غزة". "يشعر الكثير من الهولنديين بالحاجة إلى مساعدة الفلسطينيين، وهذا لا علاقة له بالدين".

ابراهيم
برشلي: لدينا القوة والعقل

يضيف البرشلي على الفور تعليقاً حول هذه "المساعدة"، ويقول: "الفلسطينيون لا يبحثون فعليًا عن الأعمال الخيرية على الإطلاق". "لدينا القوة والعقل لإنقاذ أنفسنا." أصبحت عيناه شرسة، وظل صوته هادئًا. ما نحتاجه هو المساحة للقيام بذلك. لا نريد أن يظن الغرب أننا حزينون، بل نريد أن يتوقف الغرب عن تسليح وتمويل إسرائيل".

ويستخدم مؤسس حركة المقاطعة، عمر البرغوثي، كلمات مماثلة، في مقابلة أجراها عبر البريد الإلكتروني بناءً على طلبه: "إن النظام الإسرائيلي قادر على الاستمرار في اضطهاد الفلسطينيين بفضل تواطؤ الدول والشركات والمؤسسات"، كما كتب. "في الوقت الحالي، وفي ضوء الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، أصبحت حركة المقاطعة (BDS) أكثر أهمية من أي وقت مضى".

وحول الظروف التي تحيط بمشروع منظمة التجارة العادلة التي يديرها ابراهيم برشلي وزوجته وزملائهم الناشطين، يقول البرشلي، هناك عقبات تعترض عملنا وأمكانية توسعه، خاصة بسبب تحكم "الإسرائيليين" بكل المعابر من وإلى الأراضي الفلسطينية، والمراقبة الشديدة لكل شيء داخل وكل شيء خارج.

ويضيف، نحن لا نستطيع التحرك بحرية عبر الضفة الغربية المحتلة، التي تتحكم بمداخلها ومخارجها سلطات الاحتلال الاسرائيلية، التي تقوم أجهزتها الأمنية  بفحص كل طلبياتنا بدقة عند كل نقطة تفتيش. وجميع الحدود أيضًا تحت السيطرة الإسرائيلية"...

‘ضافة الى ان الفلسطينيين أمثالنا، لا يستطيعون الاستفادة من تعريفات الاستيراد التي توفرها اتفاقية الشراكة بين "إسرائيل" والاتحاد الأوروبي. كل هذه الأمور تنعكس ارتفاعا بالكلفة وبالتالي التسغيرة ينعكس في السعر.

ومثلا على ذلك، يبلغ سعر علبة من تمر المجهول الفلسطيني، وزن 500 جرام 7.50 يورو، بينما يبلغ سعر نصف كيلو من تمر هاديكليم (الإسرائيلي) في ألبرت هاين 5.99 يورو. تقول ريسيو وهي تتنهد بعمق: "وكل هذا بينما نقوم بكل شيء غير ربحي".

يقول ابراهيم إن عائلته هجرت فلسطين في العام 1948. الى لبنان، وقسم اتجه الى سوريا.. في لبنان توزعت فروع العائلة على صور وصيدا وبيروت، حيث ولد ونشأ على أطراف مخيم للاجئين... في العام 1989 هجرإلى هولندا وحصل على جواز سفر لأول مرة في حياته.

وبسؤاله ان كان قد زار فلسطين، يقول: "لم أذهب إلى فلسطين قط". "أخشى عمليات الاذلال على الحدود، لأن جواز سفري الهولندي يشير أيضًا إلى المكان الذي أتيت منه. ويرفع صوته للمرة الأولى: "لقد ولدت كلاجئ، وكنت أقاتل من أجل وجودي طوال حياتي. وبعد ذلك سأسمح لبعض هؤلاء الصبية من الجيش "الإسرائيلي" بإذلالي؟

ريسيو، التي زارت المناطق الفلسطينية، تنظر إلى زوجها. وتقول له ممازحة: "إنهم يستهدفون بشكل رئيسي الشباب". "الآن بعد أن أصبحت رجلاً عجوزًا، أصبح الأمر أكثر أمانًا. " يضحك برشلي ويأخذ موعدًا آخر. "في يوم من الأيام سأذهب."

ونحن في لحظات اللقاء الأخيرة، يدخل أحد الأطفال إلى المطبخ ويساعد أيضًا في توضيب الطلبات من وقت لآخر. فكل أفراد العائلة مسخرة لهذا العمل. 

وتختم ريسيو اللقاء بالقول: "من الجيد أن يكون لديك شيء لتفعله". "وهذا يعني أنه ليس لديك الوقت لتشعر باليأس".

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/204358

اقرأ أيضا