قائمة الموقع

ما هي مفاعيل قرار مجلس الأمن على أرض غزة؟..

2024-03-30T16:09:00+03:00
أسماء بزيع - وكالة القدس للأنباء

أيّام ما بعد قرار مجلس الأمن الدولي المتأخّر الذي يطالب "بوقف إطلاق نار فوري ومستدام" في قطاع غزة.. والذي عوّل عليه المجتمع الدولي بأن يدفع "إسرائيل" نحو الإستجابة للضغوط المتواصلة بوقف عملياتها العسكرية منذ السابع من أكتوبر الماضي. لذا فإنّ القرار كأنه لم يصدر، إذ لا مفاعيل له على الأرض، حيث يواصل الكيان المحتل عدوانه الوحشي دون توقف، وارتكابه مجازر متتالية لليوم الـ 176 على التوالي، وشن سلسلة غارات جوية، وبالقصف المدفعي، والأحزمة النارية على مناطق متفرقة من القطاع، مخلفًا عشرات الشهداء والإصابات ودمارًا واسعًا في الممتلكات، دون التخلي عن خططه لمهاجمة رفح؛ على أن يتم ذلك ما بعد عيد الفطر حسب وسائل إعلام "إسرائيلية".

 وهذه النتيجة كانت متوقعة، فالامتناع الأميركي عن التصويت لصالح القرار، سمح للكيان بمواصلة عملياته العسكرية دون تداعيات دولية كبيرة، وهو ما أكدته تصريحات المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، الذي أشار إلى أنّ "القرار ليس ملزماً ولكن يجب تنفيذه دون فرض أي التزامات إضافية على إسرائيل".

لكن المفارقة تكمن في أن هذا الامتناع أصبح محور الاهتمام الدولي، فأخذ يلقي الضوء على القرار نفسه وعلى طبيعة التزام الكيان المحتل به.  كل هذا يأتي في الوقت الذي يواصل فيه الكيان الفاشي توغله وانتهاكاته للقرارات والقوانين والمحظورات الدولية، وليس آخرها منطقة مجمع الشفاء الطبي ومحيطه، وما يحصل من إعدامات بحق المدنيين  العزل وقتل للأطفال واغتصابٍ للنساء، فضلًا عن الحصار الذي يقابله جوع وقتل، مع توغل آليات عسكرية على أطراف مخيم الشاطئ لمحاصرة منازل سكنية.

وعليه كان من المفهوم ومن المتوقع ألا تكون للقرار مفاعيل على الأرض.. على أن المفارقة المستمرة منذ صدور القرار يوم الإثنين الماضي هي أن "الامتناع" الأميركي استقطب كل التركيز، باعتباره سابقة، وبصورة طغت على القرار نفسه وعلى كيفية إلزام الكيان الإسرائيلي بتنفيذه، ولا تزال الأوساط الدولية (بما فيها الإسرائيلية) ومعها المحللون والمراقبون منشغلين بتفسير هذا الامتناع ومؤشراته ودلالاته وتبعاته وهل هو آني بمفاعيل وقتية أم له ما بعده. فهل يعتبر هذا بمثابة تعديل في العلاقات بين الولايات المتحدة "وإسرائيل"؟ وهل سترسم الولايات المتحدة خطوطًا حمراء جديدة في العلاقة؟ أم أن هناك تفاهمات سابقة بين الجانبين (قبل وبعد) تجاه هذا الامتناع؟

يجدر التنويه إلى أن صدور القرار من المجلس الأمني جاء في وقت يتواجد فيه وزير الحرب الإسرائيلي في واشنطن حيث تتركز مباحثاته مع المسؤولين الأميركيين بصورة أساسية حول توريد الأسلحة وضمان استمرار الدعم العسكري للكيان المحتل في حملته العسكرية على قطاع غزة، "حتى تحقيق كامل الأهداف"، كما يقول مسؤولو الكيان. مما يظهر أهمية العلاقة العسكرية بين البلدين والجهود المبذولة لتعزيزها وتطويرها في هذا السياق الحساس.

هل لقرار مجلس الأمن قوة تنفيذية ملزمة؟

لا، حيث يُعتبر عدد قليل جدًا من قرارات الأمم المتحدة ملزِمة قانونًا. ولا يتفق خبراء القانون الدولي على ما يَلزم لجعل القرار ملزِمًا. كما تفتقر قرارات الأمم المتحدة عادةً إلى قوة قانونية ملزمة. بحيث يجمع الخبراء على أن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة يمنح مجلس الأمن صلاحيات لاتخاذ إجراءات عسكرية أو غير عسكرية لمواجهة التهديدات بـ"السلم والأمن الدوليين". وينبغي أيضًا أن يحدد القرار مسار العمل بشكل ملموس، بدلاً من مجرد الدعوة إلى العمل. وعلى الرغم من عدم تلبية القرار لهذه الشروط، يُجادل بعض الخبراء القانونيين بأن استخدام كلمة "يطالب" يمكن أن ينشئ التزامًا قانونيًا خارج الفصل السابع رغمًا عن أن هذا الموضوع محل جدل.

وعلى الجانب الآخر، تظهر التجاوزات التي ارتكبتها "إسرائيل" بانتهاك العديد من قرارات مجلس الأمن السابقة، بما في ذلك القرارات التي "طالبتها" بالامتناع عن بناء المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، والتي لم تلتزم "إسرائيل" بها ولا حتى بالشكل المطلوب منها دولياً.

ما الهدف من مثل هذه القرارات إذن؟

تتباين قرارات مجلس الأمن الدولي في دورها، بين أن تكون تعبيراً عن الإشارات السياسية، وبين أن تمثل محاولات حقيقية لحل النزاعات الدولية.  ويعكس توافق الأعضاء الدائمين في المجلس على مثل هذه القرارات توجهات وتفضيلات الرأي العام العالمي تجاه القضايا المطروحة. وبالنسبة للأعضاء الخمسة الدائمين المنقسمين بشكل واضح وحاد بين معسكر غربي يضم الولايات المتحدة، وفرنسا وبريطانيا، ومعسكر شرقي يضم روسيا والصين، فإن الاتفاق على أي شيء أمر نادر الحدوث، لذلك إذا وافقوا على المطالبة بوقف إطلاق النار، يكون ذلك حدثا دبلوماسيا استثنائيًا. كما يمكن أن تكون عملية التوصل إلى حل وسيلة لفض الخلافات بين القوى الكبرى. ومنح قرار مجلس الأمن 2728 بشأن غزة حيزًا سياسيًا صغيرًا يمكن لكل من الولايات المتحدة وروسيا التعايش معه حتى مع امتناع واشنطن عن التصويت.

وتاريخيًا، استخدمت واشنطن قرارات الأمم المتحدة كوسيلة لإرسال إشارات ورسائل سياسية إلى "إسرائيل". وعندما تمتنع واشنطن عن التصويت في مناسبات نادرة، منها ما جرى الاثنين الماضي، على قرار ينتقد السياسة "الإسرائيلية" أو يدعم الحقوق الفلسطينية، غالبًا ما تكون رسالة إلى "تل أبيب" مفادها أنّ صبر الإدارة ينفد (بغض النظر عن ماذا ينفد بالتحديد).

ماذا بعد؟

وبعد امتناع الولايات المتحدة عن التصويت، والذي رآه الكثير من المعلقين إشارة واضحة لترجمة خطاب بايدن لصالح وقف إطلاق النار إلى عمل سياسي، يثير هذا القرار العديد من الأسئلة السياسية الهامة التي يجب أن تجد إجابات خلال الفترة القادمة والتي تعكس التوترات والتحديات السياسية والإنسانية المستمرة في المنطقة، بأن كيف سيؤثر تمرير هذا القرار على موقف واشنطن من اقتحام "إسرائيلي" متوقع لمدينة رفح والتي لجأ إليها أكثر من مليون نازح فلسطيني منذ بدء العدوان؟ وهل ستستمر إدارة بايدن في بيع الأسلحة لـ"إسرائيل"، حتى لو استمرت "تل أبيب" في رفض وقف إطلاق النار؟ وهل سيستمر بايدن في غض الطرف عن عمليات القتل الإجرامية "الإسرائيلية" والعشوائية في قطاع غزة؟ أم سيستمر في تكرار مقولة "إن الهجمات الإسرائيلية هي تنفيذ لحق تل أبيب في الدفاع عن نفسها"؟

اخبار ذات صلة