وكالة القدس للأنباء - ملاك الأموي
أصدرت الباحثة الفلسطينية، إبنة مدينة حيفا، روضة غنايم، كتابها الجديد "حيفا في الذاكرة الشفوية: أحياء وبيوت وناس"، الذي أُشهر خلال ندوة نظمت مؤخراً، في "مسرح سرد" بحيفا. ويتضمن الكتاب الذي صدر عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في الدوحة، سلسلة "ذاكرة فلسطين"، تاريخ خمسة أحياء في المدينة الفلسطينية، وذلك من خلال روايات ذاتية لأفراد سكنوها، ويسردون تاريخ عائلاتهم، وتفاصيل حياتهم اليومية، بالإضافة إلى صور من ألبوماتهم الشخصية تبين تاريخ المدينة.
وفي هذا السياق، تحدثت الباحثة غنايم، لـ"وكالة القدس للأنباء"، عن الأبعاد التاريخية لسرديات أهالي حيفا في هذا الكتاب، قائلة: إن "للسرديّات بُعد تاريخي عام عن مدينة حيفا وفلسطين من نهاية الفترة العثمانية إلى يومنا، وبُعد تاريخي خاص إنساني فردي، مبني على السرديّة الذاتيّة والسرد فيه، مبناه حقيقي من واقع حياة أهالي حيفا، ترتبط السردية في مفهوم التاريخ بالذاكرة الإنسانية الفرديّة، مرورًا بسيرورة وصيرورة تاريخيّة لأهالي حيفا الذين عايشوا حقباً تاريخية مختلفة مروراً على نهاية الفترة العثمانية، وثم فترة الانتداب البريطاني على حيفا ثم الاحتلال "الإسرائيلي"، وثم الحياة في (الدولة العبرية) ومواجهة الصمود والتحديّات"، مضيفة، أن "الأبعاد الأخرى الهامة هي: وجهة نظر أهالي حيفا وتوضيح الأحداث التي جرت بحيفا من نهاية الفترة العثمانية إلى أيامنا، وكيف يتذكرونها ويحللونها ويسردونها بأفواههم وذاكرتهم".
وأوضحت غنايم، أن "هذا الكتاب هو كتاب بحثي، يعرض روايات ذاتيّة عن الناس في حيفا، ويضعها في سياقها التاريخيّ، ويكتب المدينة الفلسطينيّة من الأسفل إلى الأعلى، وهي كتابة تاريخية مغايرة لكتابة تاريخ المدن، يستخدم الكتاب أساليب حديثة مثل: استخدام التصوير الجوي من أجل توضيح التغيرات التي جرت على الأحياء الخمسة التي يتتبعها الكتاب. على سبيل المثال تم إلتقاط صور جويّة في حيفا لنفس المكان في تواريخ مختلفة مثلاً عام 1918، 1941، 1970 وغيرها، هذه الصور تسمح لنا المقارنة التاريخية وما حدث للمكان من تغيرات جغرافية".
أهالي حيفا ومعاناتهم بعد الاحتلال
وعن سؤالها حول النتيجة والانطباع الذي خرجت به من خلال حديث المواطنين، أشارت غنايم في حديثها لـ"القدس للأنباء" إلى أن "الانطباع من الذاكرة الحيّة للناس، والذاكرة تماماً كالوثيقة التاريخية، شرط التأكد من صحة مخزونها"، مؤكدة أن "الذاكرة تتفاوت من فرد لفرد، الناس طيبة جداً يحبون حيفا والوطن، تحملوا الكثير من معاناة وصدمات بعد النكبة على مدار السنوات، النتيجة أن تكون سجلات وكتب أخرى تكتب الذاكرة والمدينة والقرية الفلسطينية من الأسفل إلى الأعلى".
وبيّنت غنايم أن "الواقعية والجانب التاريخي هما الأساس، لكن لا كتابة بدون عاطفة، العاطفة دليل على إنسانية الفرد وتجربته الحياتية، فالشخص عندما يسرد سرديته بالتالي يشاركنا بتجربته الشخصية التي يُعبر عنها وجدانيًا"، موضحة أن "الكتاب يضيف روايات جديدة عن النكبة، وعن الحياة الاجتماعية في حيفا، التي لم توثق في كتب التاريخ، وتجاوب الناس كان رائعاً جداً، كان هناك ولف بيني وبينهم، وهذا ظهر من خلال مشاركتهم لي بكثير من الأمور منها الشخصية، التي لم أنشرها لأنها ليست هدف المقابلة، لكنها كانت دليلاً واضحاً على ثقة الناس التي منحوني إياها، وأنا تحملت هذه المسؤولية والثقة بقدر عالِ، وحافظت على خصوصيات الناس وأسرارهم، بعض الذين قابلتهم في مؤلفي، كانت هذه فرصة أولى ليروا قصصهم".
وأضافت غنايم: "بشكل عام تميل الناس للفضفضة، والحديث للشخص الذي ترتاح له، في لقاءاتي مع الرواة منحتهم الأذن الصاغية، تفهمتهم دون إطلاق أي حكم على حديثهم. من ناحية أخرى تشعر الناس أن في داخلها مخزون رواية وهم بذاتهم لا يستطيعون كتابتها، فهذه فرصة لهم للتعبير وإخراج الرواية للحيز العام، شغفي في سماع وكتابة الرواية من ناحية، ومن ناحية أخرى، أعلم أنني أقوم بأداء رسالة إنسانية وطنية فهذا يكفي أن يكون محفزاً".