لقى مئات الآلاف من فقراء قطاع غزة خبر توقف صرف المنحة القطرية المالية وإعلان برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة تعليق عمله بشكل كامل في الأراضي الفلسطينية بشكل صادم.
في موضوع المنحة المالية القطرية، بدأت قطر أواخر عام 2018 بتقديم منحة مالية قدرت بـ30 مليون دولار، وتصرف منها عشرة ملايين دولار لنحو 100 ألف أسرة فقيرة في قطاع غزة بواقع 100 دولار لكل أسرة، وعشرة ملايين دولار لشراء وقود لمحطة توليد الكهرباء عبر منظمات الأمم المتحدة، بالإضافة إلى مساهمات مالية تتعلق برواتب موظفي غزة وعدد من المشاريع الأخرى، أما في موضوع برنامج الأغذية العالمي، فهي مساعدات غذائية يقدمها البرنامج للفلسطينيين الفقراء من غير اللاجئين، بالتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية ومؤسسات إغاثية دولية، وهذه المساعدات يتم تقديمها على شكل قسائم شرائية من خلال مئات المتاجر في الأراضي الفلسطينية والتي يتعاقد معها برنامج الأغذية العالمي، ويشكل غياب المنحة القطرية وتوقف عمل برنامج الغذاء العالمي وتهديدات وكالة الأونروا بتوقيف العديد من خدماتها نتيجة للأزمات المالية، ضغطاً إنسانياً سيؤدي إلى الانفجار.
المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي عالية زكي أشارت في تصريحات صحافية رسمية إلى أن هناك صعوبة كبيرة في الاستمرار بتقديم المساعدات الغذائية في الأراضي الفلسطينية بسبب نقص التمويل، حيث يحتاج البرنامج بشكل عاجل إلى 51 مليون دولار للحفاظ على المساعدات الغذائية والنقدية الضرورية، وأوضحت أن البرنامج خفض مع بداية أيار/مايو الجاري قيمة القسيمة الشرائية المقدمة للفرد الواحد في الأراضي الفلسطينية تمهيداً إلى قطعها الكامل مطلع حزيران/يونيو الجاري عن 275 ألف مواطن، أما في مسألة تأخير صرف المنحة المالية القطرية الشهرية للأسر المتعففة في قطاع غزة، فهي تأتي نتيجة اعتراض "إسرائيلي" على تنفيذ بنود أخرى ضمن مجمل المنحة القطرية البالغة نحو 30 مليون دولار في بنود أخرى تم التوافق عليها منذ سنوات بين جميع الأطراف التي تشرف على تنفيذ المنحة، ومن ضمن هذه البنود المتعلقة بدعم رواتب موظفين في غزة، وشرائح أخرى تعتبر "إسرائيل" أن حماس تستفيد منها بشكل مباشر.
في سياق ذلك يقول سلامة معروف رئيس المكتب الإعلامي الحكومي بغزة في تصريحات صحافية رسمية، إن تأخير صرف المنحة القطرية سينعكس بشكل سلبي على العديد من الملفات منها رواتب موظفي غزة بالإضافة إلى ضمان استمرارية عمل محطة التوليد الوحيدة بغزة.
ووفق المرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان مكتب غزة فإن ما نسبتهم 60 في المئة من سكان غزة البالغ عددهم مليونين و300 ألف نسمة، يعيشون حالة فقر بسبب القيود "الإسرائيلية" المفروضة على القطاع منذ منتصف 2007 في حين بلغت نسبة البطالة ما يقارب من 50 في المئة وهي النسبة الأعلى عالمياً.
ويقول الخبير الاقتصادي ماهر الطباع إن مجمل القرارات الصادمة والتي تمس حياة المواطنين الفقراء في غزة تهدد بوقوع مجاعة حقيقية في القطاع في ظل اعتماد غالبية السكان على المعونات المقدمة من المؤسسات الإغاثية.
وأشار لـ«القدس العربي» أن قرار برنامج الأغذية يحرم عشرات المتاجر المستفيدة من المشروع من امكانية الاستمرار في عملها كونها تعتمد في مبيعاتها على المعونات التي يصرفها البرنامج العالمي ومن شأن الاستمرار في القرار بالتوقف أن يدفع بالعديد من المتاجر إلى إغلاق أبوابها تفادياً لأي خسائر مالية.
وأوضح أن سكان غزة بحاجة عاجلة إلى تقديم مساعدات إغاثية، في ظل الاعتداءات "الإسرائيلية" المتكررة التي يتعرضون لها، وسياسات الحصار القائمة على التضييق وإغلاق المعابر، إضافة إلى أن تأخير المنحة لوقت أطول، يعني ظهور أزمات خطيرة على المستوى الإنساني والبيئي في غزة، كون أن المنحة تغطي تكاليف محروقات شركة الكهرباء، وتوقف عملها سيؤدي إلى صعوبة ضخ المياه لمنازل المواطنين وغيرها من الخدمات البيئية الأخرى.
أما الخبير الاقتصادي محسن أبو رمضان فقد أكد أن ما يجري من قطع لأرزاق الفئة الأكثر هشاشة في القطاع، هو كارثي وخطير وينذر بتفاقم أوضاع الفقراء والمحتاجين للأسوأ، خاصة وأن ما يتم تقديمه من معونات سواء مالية أو غذائية، لا تفي وتسد كامل احتياجات الفقراء.
وأوضح لـ«القدس العربي»: «هناك مطالبات حثيثة من قبل الجهات الحكومية الرسمية بإضافة المزيد من أعداد الفقراء، حيث فئات عديدة بحاجة إلى مساعدات عاجلة، لكن منذ فترة طويلة لم يتم فتح الباب أمام اضافة أسماء جديدة، ومع منع تقديم المساعدات للمستحقين، فإن الأوضاع متجهة إلى أزمة إنسانية واقتصادية ستنعكس على الفقراء.