عبد القادر سطل.. كاتب وناشط ثقافي واجتماعي فلسطيني، تعود أصوله إلى مدينة يافا المحتلة عام 1948، وهو رئيس الرابطة لرعاية شؤون عرب يافا، أصدر مؤخراً رواية "عاشق البيارة"، وهي مستمدة من وحي الواقع، تتحدث عن فترة ثلاثينيات القرن الماضي، التي كان يتمنى الكاتب العيش خلالها، ولم تستغرق الرواية وقتاً طويلاً في الكتابة، لأن الكاتب كان يسرع في إنجازها بسبب إصابته بالمرض الخبيث، وها هو الآن يستعد لإصدار كتاب جديد عن "شارع 60" وهو أحد شوارع يافا، ويقع في حي العجمي، "منطقة الغيتو" سابقًا، ولا زال مستمراً في الكتابة..
وفي هذا السياق، تحدث سطل لـ"وكالة القدس للأنباء"، قائلاً: إن "فكرة عاشق البيارة أتت من مكان لحفظ التاريخ العريق لهذه المدينة، التي اشتهرت بالبيارات وأمسى البرتقال الشموطي رمزاً لها"، مبيناً أنه "بفضل هذه البيارات نهضت يافا وتطورت بشكل ملحوظ لتمسي أهم مدن المشرق العربي، هذا ما يجهله جيل ما بعد النكبة، لو قدمنا لهم المعلومات بشكل كتاب تاريخ لامتنع عن قراءته الشباب، من هنا أتت فكرة الرواية التي تنتقل أحداثها بين أحياء يافا والبيارة، من خلالها قدمنا للقارئ معلومات عن يافا وتاريخها، وتاريخ البيارات بشكل يحاكي تطلعاتهم، ويكسبهم معلومات قد تندثر مع الوقت، فنحن للأسف جيل لا يقرأ كما كانت يافا قبل الاحتلال التي قيل عنها "إن الكتاب كان يكتب في مصر ويطبع في بيروت ويقرأ في يافا".
الولادة من رحم البيارة
وأشار إلى أن "رواية "عاشق البيارة" ولدت من رحم البيارة وعلى ترابها، هذه الرواية ولدت بعملية قيصرية نازفة ومؤلمة، يقول البعض إن نهايتها تختلف عن ما هو مألوف، وقد تسبب لبعضهم بكآبة نفسية. حقيقة أن الرواية كتبت وأنا أعاني من مرض السرطان، وتحت العلاج الكيماوي، وكانت لحظات اعتقدت أنني لن أستطيع إنهاء الرواية، في حين استغرق كتابي الأول أكثر من 10 سنوات، هذه الرواية كتبت بأشهر معدودة"...
وأضاف، "نعم هي رواية تربط الإنسان بأرضه وبأشجارها، وثمارها التي تحولت إلى سفير يحمل اسمها بجميع أنحاء العالم، وخلقت أجواء مميزة ليافا عامة، والبيارات خاصة"، موضحاً أن "غالبية رجال الأعمال في يافا كانوا أصحاب بيارات، عدد منهم كان يمتلك مئات الدونمات شرق وجنوب وشمال يافا حتى قرية الحرم بالشمال ويبنا بالجنوب".
وبين الروائي، أن "هناك باباً في الرواية أطلقت عليه اسم "الموسم" وهو يتضمن شرحاً عن البيارة وتاريخها وجذور النبتة ومكونات البيارة، بحيث يستطيع الإنسان العيش في البيارة دون الخروج منها ويصل إلى اكتفاء ذاتي من خيراتها، أو كما يقول المثل الشعبي: "خضرة ومي والوجه الحسن"، مضيفاً أن "توفيق وعبير هم بطلا الرواية، هو من عائلة إقطاعية (ملاكين) وهي إبنة الفلاح أو بالأحرى البياري الذي كان يرعى البيارة، وهناك شخصيات أخرى لها دور لا يقل أهمية عن البطل، وكلهم يندمجون بأدوارهم حول البطل وحبيبته، هناك انسياب لدور الأبطال في الرواية منذ بدايتها وحتى نهايتها".
وأكد أنه "كان من المهم دمج هذا الأسلوب غير المتبع بشكل دائم، هذا يقرّب القارئ من الموضوع ويحافظ على تنفيذ استعمال اللغة العربية تحت الاحتلال، الذي يحاول طمس الهوية، نحن نعيش في الداخل حالة من تنفير أولادنا عن استعمال لغتهم العربية، وهناك منهم من يستصعب استعمال اللغة وإيجاد لغات بديلة (لغة المحتل)، لم تقتصر الرواية على استعمال اللغة المحكية والفصحى، بل وأنتجت لغة حب خاصة بطبيعة المنطقة".
محاكاة القاريء بلغة خاصة
وقال الكاتب: "أعتقد أن الرواية أسلوب متبع يحاكي القارئ بلغة خاصة، تتعامل معه بشكل يستطيع أن يتعرّف على قضايا تخصه وتخص المجتمع الذي يعيش فيه، وتكسبه معلومات قد يجهلها، وهي أيضاً مطروحة بأسلوب ممتع يدمج بين قصة حب ممنوعة في مجتمعنا ويطرح من خلالها معلومات بشكل شيّق عن تاريخنا وانتمائنا بالأرض والإنسان والحيّز، ويصف مدى الارتباط العضوي بين الإنسان والأرض والقضية، ويرسم صورة عن نكبة فلسطين التي طالما ذكرنا أنها بدأت قبل عام 48".
وفي نهاية حديثه، قال لوكالة القدس للأنباء: إن "عاشق البيارة هو فلسطيني من يافا وعايش نكبتها، ولكنها تحاكي كل فلسطيني وعربي يجهل تاريخه، وينمي انتماءه بالأرض، والإنسان وقضيتنا العادلة"، مشيراً إلى أنه تلقى "ردود فعل من القراء من يافا وخارجها يعبرون فيها عن مدى إعجابهم بالأسلوب والموضوع وطريقة دمج المعلومات حول القضية من خلال الرواية، منها من نشر على ظهر الكتاب، وأخرى وصلتني هاتفياً أو عبر وسائل التواصل."
إليكم عيّنة مما وصلني:
"قرأت هذا الكتاب، أسلوب الكتابة مميز بين الفصحى في السرد، والحوار باللغة العامية اليافية، كم أتعبني نفسياً ما حدث من أحداث، بارك الله فيك، أنصح كل أهل يافا في الداخل وخارج يافا بقراءته".