وكالة القدس للأنباء - ترجمة
في حين تفوق السياسيون الأمريكيون على أنفسهم لفرض عقوبات على روسيا فعادتها إلى العصر الحجري، فإن المشاعر المعادية لحركة المقاطعة المنتشرة بين السياسيين قد خرجت من النقاش العام.
حين لاح اقتراب احتمال غزو روسي لأوكرانيا كأمر واقع، اتخذت الولايات المتحدة خطوات استباقية مع حلفائها لتنسيق عقوبات أكثر تركيزًا ضد موسكو. وحين اندلعت الحرب، أعلنت الولايات المتحدة أنها مستعدة لفرض عقوبات أكثر صرامة، بما في ذلك تجميد الأصول الأمريكية التي تحتفظ بها البنوك الروسية، وفرض قيود على واردات التكنولوجيا الفائقة، والاستيلاء على منازل وطائرات ويخوت القلة الحاكمة.
تبنى المشرعون الخطاب الصارم والعمليات الانتقامية السريعة من كلا الحزبين، ودعوا إلى فرض عقوبات لتدمير الاقتصاد الروسي. بالنسبة لبعض المدافعين القدامى عن حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات التي تستهدف الاقتصاد "الإسرائيلي" وسط صراعات دامية مع الفلسطينيين، تبدو هذه الدعوات مألوفة بشكل مخيف.
قال يوسف منير، وهو زميل غير مقيم في المركز العربي في واشنطن العاصمة: "ما نشاهده حالياً هو مجموعة مروعة حقًا من انتهاكات القانون الدولي وحقوق الإنسان في أوكرانيا، ونشهد ردًا دوليًا موحدًا وقويًا ونفاقًا خالصاً"، وأضاف: "لذا، فهذا يظهر حقًا أن القضية ليست أن التكتيكات غير مشروعة، [بالأحرى هي] تكتيك قديم يسمح لجميع الناس في المجتمع باتخاذ موقف بشأن قضايا ذات أهمية بالغة عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان".
حركة المقاطعة BDS، التي يدعمها منير، هي حملة تضامن فلسطينية تهدف إلى ممارسة ضغط اقتصادي وسياسي دولي على "إسرائيل"، على غرار النجاح الذي حققه النشطاء المناهضون للفصل العنصري في جنوب إفريقيا.
لكن في حين أن السياسيين الأمريكيين تفوقوا على أنفسهم لمعاقبة روسيا لإعادتها إلى العصر الحجري، فإن المشاعر المعادية لحركة المقاطعة المنتشرة بين السياسيين قد خرجت من النقاش العام. صوتت الغالبية العظمى من أعضاء الكونغرس لصالح قرار مجلس النواب في العام 2019 يدين حركة المقاطعة BDS. وحدهم النواب: كوري بوش (ديمقراطية)، ورشيدة طليب (ديمقراطية عن ولاية ميتشيغان)، وإلهان عمر (ديمقراطية من مينيسوتا)، بقوا من بين حفنة من المؤيدين في المناصب الفيدرالية.
حوالى 35 دولة لديها قوانين وقرارات وأوامر تنفيذية تقيد أو تحظر أي مقاطعة ضد "إسرائيل". في 3 آذار / مارس، قدم النائب لي زيلدين (جمهوري من نيويورك) "قانون مكافحة المقاطعة الإسرائيلي"، بعد يوم من تغريدة قال فيها إن على الأمريكيين قطع جميع واردات النفط من روسيا.
قال زيلدين، مجادلاً ما إذا كانت حركة المقاطعة أداة شرعية: "لا يوجد أي تماهي على الإطلاق بين فرض الولايات المتحدة وحلفائنا في جميع أنحاء العالم عقوبات على دولة استبدادية قامت بشكل غير شرعي وغير قانوني بغزو جارتها ذات السيادة وشنت هجمات ضد المدنيين الأبرياء وبين حركة المقاطعة المعادية للسامية"، وأضاف: "[الرئيس الروسي] فلاديمير بوتين مجرم حرب، وعلينا استخدام جميع الأدوات الدبلوماسية والاقتصادية والإعلامية للقوة الوطنية المتاحة لنا لمكافحة العدوان الروسي ومساعدة الشعب الأوكراني في الدفاع عن نفسه".
كما أن الضغط لمعاقبة بوتين قد دافع عنه السيناتور توم كوتون (جمهوري من آرك)، وماركو روبيو (جمهوري من فلوريدا)، وتيد كروز (جمهوري من تكساس)، الذين دعوا إلى مقاطعة الطاقة والنفط الروسيين.
أعضاء مجلس الشيوخ هم أيضًا رعاة مشتركون لقانون توسيم مكافحة BDS، وهو إجراء تم تقديمه في مجلس الشيوخ في العام 2021 كان يهدف إلى ردع وحظر مقاطعة البضائع "الإسرائيلية"، بعد أشهر من تحول المظاهرات حول الطرد المحتمل لسكان القدس الشرقية إلى أعمال عنف. عندما تحولت الأعمال العدائية المتصاعدة إلى حرب غير متوازنة، قُتل أكثر من 25 فلسطينيًا في الضفة الغربية وقتل ما لا يقل عن 240 فلسطينيًا آخر في الضربات الجوية الإسرائيلية على قطاع غزة. كما أطلقت حماس آلاف الصواريخ على "إسرائيل" خلال الفترة نفسها، ما أسفر عن مقتل 12 شخصًا على الأقل. ولم تصدر إدارة بايدن عقوبات بعد الهجمات.
قال المتحدث باسم كوتون، في رسالة عبر البريد الإلكتروني: "الفارق هو أن روسيا تغزو أوكرانيا.. ووفقًا لآخر معلوماتنا الاستخباراتية، فإن إسرائيل ليست كذلك".
لكن، مثل روسيا، يواجه كل من "إسرائيل" والفلسطينيين تحقيقًا من قبل المحكمة الجنائية الدولية في جرائم حرب محتملة. قبل شهر، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريراً مهماً وصفت فيه معاملة "إسرائيل" للفلسطينيين بنظام الفصل العنصري.
ومع ذلك، فإن بعض الخبراء لم يصلوا إلى حد الربط بين روسيا و"إسرائيل".
قالت إيلين بابيت، أستاذة حل النزاعات الدولية في جامعة تافتس، إن "قواعد الحرب تقول إن استمرار الاحتلال "الإسرائيلي" واستمرار المستوطنات في تلك الأراضي [الفلسطينية] غير قانوني. لكنني أعتقد أن هناك شيئًا مختلفًا من حيث النوعية حول حشد 150.000 أو 200.000 جندي على حدود دولة ذات سيادة ثم العبور إلى ذلك البلد بنية قطع رأس الحكومة".
ويقول المدافعون عن حركة المقاطعة BDS إن العقوبات غالبًا ما يتم تطبيقها على مجموعة واسعة من الانتهاكات، يمكن أن تشمل الاحتلال العسكري.
قال خالد الجندي، وهو زميل بارز في معهد الشرق الأوسط: "تفرض الولايات المتحدة عقوبات على العديد من الدول التي لم تغز جيرانها. لكن بينما تحرك المجتمع الدولي بسرعة لمواجهة الاحتلال الروسي لأوكرانيا، لم يفعل سوى القليل لدحر الاحتلال "الإسرائيلي" للضفة الغربية، وغزة، ومرتفعات الجولان. هذا الافتقار إلى أي مساءلة أو قيود حقيقية على "إسرائيل"، هو الذي أدى في النهاية إلى حركة المقاطعة".
مع اشتداد الغضب ضد غزو أوكرانيا، استمرت العقوبات والمقاطعات ضد روسيا في التصاعد، حتى على مستوى الدولة. طلب حكام ولايات تكساس وأوهايو ونيو هامبشاير وأيوا ونورث كارولينا، التي يوجد في معظمها تشريعات لمكافحة المقاطعة، من تجار التجزئة سحب الكحول الروسي من متاجرهم. في نيويورك، قدم المشرعون مشروع قانون من شأنه سحب الاستثمارات من الشركات الروسية.
يقول أنصار حركة المقاطعة BDS إنه من المشجع أن نرى عقوبات ومقاطعات وسحب استثمارات حقيقية تهدف إلى تحميل الكرملين المسؤولية عن شن حرب ضد جارته الأقل قوة. لكنهم يقولون إن العقوبات على "إسرائيل" تبدو أبعد من أي وقت مضى.
قال منير: "لنكن واضحين تماما: يجب محاسبة روسيا. لقد أظهر أعضاء الكونغرس نفاقهم بشأن هذه القضية من خلال دعم التشريعات المناهضة للمقاطعة عندما يتعلق الأمر بالمطالبة بالمساءلة عن انتهاكات "إسرائيل" لحقوق الإنسان، لكنهم الآن جميعًا يؤيدون هذه الأنواع من الجهود".
-----------------
العنوان الأصلي: ‘Hypocrisy’: Lawmakers fighting Israel boycott now all-in for ssia sanctions
الكاتب: JOSEPH GEDEON
المصدر: Politico
التاريخ: 7 آذار / مارس 2022