كثيرة هي الحالات الإنسانية الموجعة في المخيمات الفلسطينية في لبنان، بعضها يلقى نوعاً متواضعاً من الرعاية، وبعضها الآخر يظل عرضة للمصائب والأزمات، نتيجة الفقر المدقع، وفقدان المعيل.
الحاجة فاطمة محمد سليم، واحدة من هذ الحالات المأساوية. إنها أرملة تسكن وحيدة في بيت صغير، في السوق القديم بمخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين شمالي لبنان، توفي زوجها ليس لها أبناء ولا أقارب ولا معيل ولا من يهتم بها، سوى جارها درغام أبو رامي وزوجته، اللذين يقدمان لها بعض الطعام وما يلزمها من حاجات متواضعة .
أمراض مزمنة ووحدة قاتلة
"وكالة القدس للأنباء" زارت الحاجة فاطمة في منزلها في المخيم، واطلعت على واقعها عن كثب، كل شيء بسيط، يوحي بوضع صاحبته الصعب.
رحبت بنا بابتسامة لطيفة، رغم مرضها الشديد، وعمرها الطاعن، تحدثت عن وضعها الصحي والاجتماعي فقالت: "أعاني من الالتهابات في الصدر والضغط بشكل دائم، ولا أستطيع أن أمشي على رجلي، وليس لدي لا أخ ولا أخت ولا ابن ولا بنت، ليس لدي أحد، تعرفت على أبو رامي وزوجته، اللذين يقومان برعايتي في كل شيء، وبارك الله بعملهما الخيّر".
ودعت الحاجة فاطمة، المؤسسات الإنسانية أن تعتني بحالتها، وتنظر إلى وضعها وتقدم سنها، وأن توفر ما تستطيع، "لأنني أصبحت عاجزة ألازم فراشي، ولا أستطيع الخروج من المنزل".
أما جارة الحاجة، أم رامي درغام، فقالت لـ"وكالة القدس للأنباء": "أول ما سكنت في البيت تعرفت على الحاجة، وحكتلي قصتها، وبلشت أطل عليها وأدير بالي عليها، وكان عندي ولد مريض، لذلك حسيت في وجع الحاجة، وخاصة ليس لديها أحد، ولم يزرها ولم ينظر أحد إلى حالتها".
المعاناة وغياب المساعدة
وأشار أبو رامي إلى "أنني كنت فاتح محل لبيع الخضار، ولكن بسبب الإعمار فوق المحل موقف هذه الفترة، وكنت أطلع الحاجة تقعد عندي بالمحل من الصباح حتى أقفل المحل، وأسعى جاهداً إلى تأمين ما يلزمها".
وطالب المؤسسات الإنسانية والاجتماعية في المخيم، أن تأتي وتزور الحاجة، للاطلاع على وضعها، وهناك حالات كثيرة مثل وضع الحاجة يلزم الجميع العمل على رعايتهم".
وضع الحاجة فاطمة صعب للغاية، ويحتاج إلى مزيد من المتابعة والعناية، كونها أصبحت امرأة عاجزة، لا تقوى على الحركة بسبب المرض، كما أنها بحاجة إلى رعاية مستمرة وإلى من يخرجها من وحدتها، وهي بانتظار المؤسسات الخيرية الفلسطينية العاملة في المخيمات التي تهتم برعاية المسنين، للعمل على رفع معاناتها، والأخذ بيدها وتحسين ظروفها".
وضع الحاجة فاطمة يفتح قضية بحجم المأساة. فالمسنون الفلسطينيون يعيشون أوضاعاً إنسانية قاسية جداً، تفتك بهم الأمراض، وتشتد عليهم قسوة الفقر، بخاصة أولئك الذين لا يجيدون حضناً دافئاً من قريب أو من جهة اجتماعية.
مثل هذه الحالات يجب أن تجد حلاً ملموساً، فليس من العدل أن يمضي المسن الفلسطيني بقية حياته باحثاً عن رغيف وحبة دواء، أو أن يستعطف هذا ويناشد ذاك، من أجل الأخذ بيده وإسعافه، بينما المؤسسات المعنية غائبة عنه، أو متجاهلة له!